المسؤولية واجب وليست صلاحية

بين المسؤوليّة والصلاحيّة

نقف اليوم كمواطنين لبنانيّين لنؤكّد أننا لن نقبل أن يمر خطف 37 عسكريًا لبنانيًا لسنوات وقتل 11 منهم من دون مساءلة قانونيّة وسياسيّة…

في هذا الموقف، لسنا بلا صفة… فصفَتُنا نابعةٌ من كونِنا مواطنين في بلدٍ انحدرت الممارسة السياسيّة فيه من مستوى الوقاحة والتسلّط والسرقة، وكلّها جرائم يعاقب عليها القانون، الى مستوى القتل والاستهتار بدماء وكرامة من يحمون الوطن!

إننا، إذ ننحني اليوم أمام تضحيات هؤلاء الجنود، وأمام دموع ذويهم المليئة بكثير من الأسئلة التي لا يمكن تجاهلها، نثمّن عاليًا صمود أهالي الجنود الأسرى، سواء ثبت استشهادهم أو لم يثبت، لسنوات بكل عزّة ورقيّ رغم القلق القاتل.

وإذا كنّا قد تحدّثنا عن المسؤوليّة السياسيّة، فذلك لا يعني أننا نجهل أو نتجاهل وجود مسؤوليّات مختلفة، من جنائيّة وعسكريّة وإداريّة، ونأمل من السلطة القضائيّة، بكافة مؤسّساتها، ألا تقبل أن تكون شريكًا في تجهيل المجرمين، وبالتالي التواطؤ على حماة الوطن.

أما وقد أعلن قائد الجيش انتهاء المعركة، وعودة الجرود الى السيادة الوطنيّة، فإننا نعتبر:

1- ان الجيش مؤسسة وطنيّة دورها حماية الوطن من المخاطر الخارجيّة، وأولى واجبات قيادتها الحفاظ على حياة عناصر الجيش، جنودًا ورتباء وضباطًا، كما الحفاظ على كرامتهم وكرامة المؤسسة التي ينتمون إليها.

2- ان قيادة الجيش مسؤولة عن أي تقصير أو خطأ أو فعل أو امتناع أدّى الى عدم تحرير العسكريّين المختطَفين، وعدم تحرير الأرض التي احتلتها المجموعات الإرهابيّة والتي اتخذتها منصّة للانقضاض على المواطنين اللبنانيّين. وفي حال أُمِرَت القيادة العسكريّة بوقف الهجوم، فمن حق المواطنين أن يعرفوا من أمر بذلك!

3- من واجب السلطة السياسيّة عدم كشف المؤسسة العسكريّة سياسيًا عند قيامها بواجباتها. ومجلس الوزراء، بصفته صاحب السلطة التنفيذيّة، وبموجب مبدأ التضامن الوزاري، مسؤول -بكامل أعضائه، وبكافة الأطياف السياسيّة التي تشكّله- عن أي تقصير أو خطأ أو فعل مقصود ينتج عنه ما ليس في مصلحة الوطن والشعب والدولة ومؤسساتها. فمسؤوليّة رئيس الحكومة آنذاك ليست وجهة نظر لكي يقبلها البعض أو يرفضها. وكذلك، فإن ما اعتاده بعض من يحترفون السياسة في لبنان من تلطٍ خلف مفاهيم عوجاء كمفهوم “المعارضة من الداخل” (الذي لا يمتّ للدستور بصلة) فهو لا يرفع المسؤوليّة عن أولئك الذين قبلوا بالقرار المتّخَذ والذي أخّر انتصار الجيش وإعادة اعتباره لسنتَين على أقل تعديل.

4- ان ما سمعناه من شهادات أدلى بها العديد من السياسيّين والعسكريّين المتقاعدين، ممن كانوا في قلب الحدث يوم حصول جريمة الخطف، تشكّل إخبارات واضحة وصريحة، وعلى القضاءَين العسكري والعدلي التحرّك، كلٌّ ضمن اختصاصه، لتحديد المسؤوليّات بعد تحقيق شفاف وعلني وسريع.

بناءً على ما سبق:

– نطالب القضاء العسكري بالتحقيق في مسؤوليّة العسكريّين الذين أدّت أفعالهم الى النتيجة المأساويّة التي وصلت اليها جريمة اختطاف العسكريين.

– كما نطالب القضاء العدلي بالتحقيق في المسؤوليّة الجزائية للمدنيّين الذين لعبوا دورًا في ما آلت اليه الأمور.

– أخيرًا وليس آخرًا، ونظرًا لفقدان الثقة بهذه السلطة، نطالب بإنشاء لجنة تحقيق وطنيّة مستقلّة.

على أن تكون معايير رئاسة هذه اللجنة وعضويّتها هي: المهنيّة والوطنيّة ونظافة الكف وعدم الارتهان لأركان سلطة الفساد.

لن نقبل أن يكون جيشنا مكسر عصا، سواء للقوى الخارجيّة أو لممثليها الداخليّين!