كلمة – شربل نحاس خلال إعلان خوض الانتخابات البلدية في بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل
بيروت، 13 نيسان 2016
في هذا المكان وفي مثل هذا اليوم كانت الحرب. كان القنص والمعبر وتبادل المخطوفين. أمامكم الجامعة اللبنانية، لكن هنا كانت أيضا اللجنة الأمنية التي تخرج منها الذين حكموا البلد. وهنا قبر الجندي المجهول، أما المفقودون فمعروفون جيدا لكن مصيرهم مجهول، وكذلك مصير البلد.
أقاموا شبه دولة على حطام أحلام اللبنانيين، وقاموا برشوة الناس بالمال ليثبتوا سلطتهم. تراكم الدين، فراحوا يبتزون الناس بالدين: أرادوكم ألا تطالبوا بشيء، أن تنازلوا عن حقوقكم، أن تتزلموا لهم، أن تهاجروا، وإلا تتراجع الأرباح وتطير الليرة وتتبخر المدخرات أو تعود الحرب.
بسبب هدرهم وعجزهم عن إدارة المالية، تركوا الكهرباء تنطفئ، كي لا يقوموا بالاستثمارات ولا بالصيانة وليوفروا شراء المازوت. تركوا شبكة المياه تهترئ والاتصالات تنقطع. فاضطر الناس إلى اللجوء للمولدات والسيترنات والكابلات، فصاروا يدفعون الضريبة مرتين.
جمدوا الأجور ست عشرة سنة، ونصبوا أزلامهم في النقابات فأسكتوها، وفي الإدارات فعطلوها. نصف كل جيل من الشباب يهاجرون. بينما ثلث السكان ونصف العاملين من الأجانب. الأسر مدينة بـ150 مليار دولار، إما مباشرة للمصارف وإما عبر الدين العام. عطلوا الدستور والقانون، وألغوا الموازنات والمحاسبة والانتخابات والقضاء وأفرغوا الإدارة.
والمنطقة من حولنا ساحات قتل وتهجير ودمار وتهديم للدولة وللمواطنة. يدعون النأي بأنفسهم! يريدوننا أن ننأى بأنفسنا عن حقوقنا! أن نبقى نتلهى بقصص العائلات والأجباب والطوائف بينما يتلهون بنا. والدنيا تزحل من تحت أرجلنا جميعا.
لولا الطمع بالمزيد من الديون من البنك الدولي عبر البلديات، لما دعوا لانتخابات بلدية. إلغاؤها وارد في كل لحظة والحجج تهيأ لذلك. حددت أولى دورات الانتخابات البلدية في 8 أيار في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل. ليس صدفة. بل بقصد الابتزاز والتفخيخ. إما توافق مهين في بيروت، هدفه إلغاء مفاعيل الانتخابات من خلال التزام المقاطعجية تعبئة البوسطة، وإما فتنة كالتي تلوح طلائعها في بعلبك هدفها أيضا إلغاء الانتخابات.
كل استفتاء شعبي خطر عليهم. كل استفتاء شعبي فرصة لنا.
لديهم بواسط للتفجير وبواسط للتعليب، أما نحن فلدينا بوسطة سوف تجول لبنان كله، بدءا من بيروت، لتبين أن الهموم الأساسية التي يعاني منها اللبنانيون واللبنانيات في بلداتهم المختلفة ليست مختلفة، وهي تجمعهم ولا تفرقهم.
كل هذه الهموم لها أسباب وأرباب، وهي نتيجة قبض أصحاب بوسطات السلطة المكربجة على السياسات العامة جملة، بما لا يترك مجالا للمتقدمين من أصحاب النوايا الحسنة أو من أصحاب بعض الخبرات التقنية لتغيير المشهد، ولو محليا. ما يوحدكم، لبنانيين ولبنانيات، في كل البلديات هو هم الشأن العام وواجب التفكير والعمل كي تقودوا بوسطة حاجاتكم وطموحاتكم على أرض الواقع وطرقاته بأكواعها ومفاصلها وخياراتها، بوصفكم مواطنين ومواطنات في دولة وليس مجرد ناخبين في مهرجانات انتخابات بلدية بائخة توسم بالعائلية والإنمائية والمحلية والخصوصية. لكل طائفة “خصوصية”، ولكل مدينة “خصوصية”، ولكل بلدة أو قرية ولكل عائلة “خصوصية”. لا! بل لكل فرد خصوصية تنبع من رأيه الحر والواعي، ومن هذا المنطلق نعمل على جمع جهودنا على مساحة الوطن، مساحتنا المشتركة مع كل اللبنانيين، من أجل بناء الدولة التي لا نرضى بديلاً عنها كإطار جامعٍ لتشكلنا السياسي.
نعلن كحركة “مواطنون ومواطنات في دولة” خوضنا الانتخابات في كل لبنان، بدءا بمحافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، كونها تقع في أول دورة انتخابية، من خلال إطلاق الترشح في كل من مراكزها، بيروت وزحلة وبعلبك.
سوف نتابع بدقة تطور المشهد السياسي في كل من هذه المدن، ونرصد بالتحديد محاولات تعطيل الانتخابات، سواء بترتيب بوسطات معلبة أو بافتعال الفتن، ونتصرف بما يخدم حصول انتخابات سلمية فعلية، لناحية توسيع لائحة المرشحين أو تضييقها وفي كل الأحوال رفض جر البلد إلى أحداث أمنية.
لذا نعلن اليوم أسماء منسقي اللوائح في كل من هذه المدن: في بيروت الدكتورة غادة اليافي وشربل نحاس، في زحلة المهندسة إليسار سماحة، في بعلبك الدكتور علي غَصوب حيدر. المرشحون بعضهم واقف أمامكم وآخرون مستعدون وهم كثر، إنما نرحب أيضا بكل مواطن ومواطنة يخطو الخطوة وينتقل من حالة الشكوى إلى الترشح، في كل من هذه المدن، عن لبنان كله. ونفرح ونعتز بالمئات من الأحباء الذين انتسبوا وينتسبون يوميا إلى الحركة لنتشارك معا، تطوعا، كل في مجاله، في صياغة بديل عن اليأس والاستزلام والشرذمة التي تدمر مجتمعنا.
ما نتمناه أولا أن تحصل الانتخابات فعلا، وثانيا أن تنضم أعداد وفيرة من المواطنين والمواطنات إلى الحركة لبناء دولة مدنية، ديمقراطية، عادلة وقادرة، ترشيحا واقتراعا. إن الانتخابات البلدية القادمة فرصة ثمينة لتحويل المبادرة إلى مشروع سياسي منظم وجامع.
هل تعرفون حزبا من أحزاب السلطة يخوض الانتخابات في بيروت وفي زحلة وفي بعلبك وفي كل المحافظات؟ طبعا لا، والسبب بسيط: كل من هذه الأحزاب لا يخاطب إلأ طائفته. أما نحن، ولأننا مواطنون ومواطنات فنخاطب مواطنين ومواطنات، ونخوض الانتخابات في ساحة واحدة، هي مساحة الدولة، كي نبني دولة، فنطوي 41 سنة من الحرب والذل والقلق.