نبذة عن المناصر(ة) ودليله

لماذا مناصر؟

عدد كبير من مؤيدي وأنصار حركتنا مستعدّون للقيام بخطوة تتخطى الاعتراض على الوضع القائم، لاقتناعهم بحدود تأثيره ولتيقّنهم بضرورة الانتظام للدفع باتّجاه مشروعنا، أي دولة مدنية مكتملة الشرعية، من دون الالتزام كأعضاء في الحركة. فأنشأ مفهوم “المناصر” تلبيةً لهذه الحاجة.

تعرفوا على خطابنا

معاينتنا للواقع‎ سلطة ائتلاف زعماء الطوائف عاجزة عن الدفاع عن المجتمع +

سلطة

ال"سلطة" ليست مقتصرة على الطبقة الحاكمة. فهي تشمل العلاقات بين الناس في المجتمع، نظرتهم الى بعضهم البعض وتعاملهم مع بعضهم البعض.
إقرأ المزيد
عندما نقول إن السلطة منظومة علاقات، فهذا يعني أن المسألة لا تتعلق بعدد من الأشخاص في مواقع محددة يعتقد البعض أن بمجرد إزاحتهم تسقط السلطة. المشكلة الأساسية لا تكمن في الأشخاص إنما في وجود منظومة عاجزة، ووجود هؤلاء الأشخاص ليس إلا انعكاساً لمنظومة العلاقات المجتمعية السائدة، فهم محكومون بممارسة الأدوار نفسها. لذا يصبح ما يسمى بالتوريث السياسي أمراً بديهياً، وتصبح السلطة القائمة على تحالف الميليشيات وأصحاب المليارات متمثلة بزعامات تستمد قوتها وديمومتها من قدرتها على المحافظة على مقومات المنظومة الموجودة.
إقرأ المزيد
لا يجب أن نقع في فخ "طول عمرو البلد هيك، لبنان طائفي ورح يضل طائفي" لأن السلطة، التي تشمل علاقات الناس ببعضهم البعض، تصوغها سياسات وتطورات. بالتالي يمكن لهذه السلطة أن تتغير مع تغيير السياسات وحصول تطورات جديدة.
إقرأ المزيد
السلطة سقطت لأنّ أدواتها تعطّلت، مما يحتّم الانتقال إلى حالة جديدة لا زالت مجهولة المعالم. المرحلة الانتقالية هي الفترة الممتدة منذ تعطّل الأدوات وحتى رسوخ أدوار جديدة. العمل السياسي هو العمل على التأثير الحاسم خلال هذه المرحلة الانتقالية لتصويبها نحو وجهة تستحقّ التضحية و النّضال.
إقرأ المزيد

ائتلاف زعماء الطوائف

الطوائف ليست مجرّد أشخاص يتشاركون نفس المعتقدات الدينية. من وجهة نظر اجتماعية، الطوائف هي تكتلات تنشأ على أنقاض الدولة أو لغيابها، فتُقيم كيانات مغلقة تعمل على تلبية حاجة وجودية وهي حفظ أمن المنضوين تحتها من أي خطر خارجي، فتبديد مصادر القلق ومواجهة التهديدات الوجودية هما العنصران الأبرزان لنشوء التكتلات الطائفية. تخلو الطوائف في بنيتها من أي تنظيمات سياسية فعلية وإنما تقوم بانتداب زعيم توكل له الدور السياسي واتخاذ القرار. تقوية موقع الزعيم داخل الطائفة وتظهير ذلك امام الطوائف الأخرى هو أمر حيوي للدفاع عن مصالحها والوقوف بوجه الزعامات الأخرى. في لبنان، تكوّن الأنتخابات شكلا من أشكال تجديد البيعة لزعماء الطوائف ولقياس قدرتهم مقابل بعضهم البعض.
إقرأ المزيد
تعززت سلطة الطوائف بعد الإنزلاق إلى العنف في الحرب الأهلية في صراع لم يكن في طبيعته طائفي. هذا الإنزلاق قضى على فرصة حقيقية لتأسيس دولة ومأسس الطوائف بشكل أكثر رسوخا في لبنان، وفتح الباب على مصراعيه لعملية تفتيت الدولة ونشوء الميليشيات المسلحة التي انتجت بأغلبيتها قيادات لم يكن لها أي دور قبل الحرب. تحوّل قادة الميليشيات إلى زعماء طوائف ليلعبوا دوراً سياسياً بعد التوافق الدولي والأقليمي لإنهاء الحرب، وعزز هؤلاء نفوذهم على أشلاء الدولة وصولاً إلى الإنهيار الشامل. من هنا نرى أن سلطة الطوائف متغيّرة وغير أبدية، وهي تتعزز فقط على جثة الدولة، وتتراجع بتعزيز سلطتها.
إقرأ المزيد
نجحت المنظومة الطائفية بعد الحرب الأهلية بالإستمرار من خلال جذب الأموال من الخارج إما من خلال الإستدانة أو من تحويلات المهاجرين وأصحاب رؤوس الأموال، والعمل على توزيع المغانم من خلال منظومة زبائنية راسخة عمادها تهميش الدولة.
برز مصطلح "كلن يعني كلن" خلال الإنتفاضة الشعبية تعبيراً عن حالة الغضب والرفض لما وصلت إليه الأمور. الايجابي فيه انه يخرج من منطق "8 و14 اذار" المغلوط ويبرز انهما فريق واحد. من ناحية أخرى، ينطوي هذا الشعار على بعض المخاطر الني ينبغي التنبه لها:
  • أولا، قد يعطي الانبطاع أن المشكلة مشكلة اشخاص، لا مشكلة منظومة مما يفسح المجال لوجهات نظر او أحاديث مثل "بهاء أحسن من سعد" او "مصطفى أديب منيح؟" او "لازم يحاسبوا رياض سلامة" او "بدنا حكومة تكنوقراط" لأنها توحي انّنا تخلصنا من "كلّن" بينما الحقيقة غير ذلك.
  • ثانيا، قد يُنسينا مسؤوليتنا الشخصية. فاذا كنّا نعي أن السلطة منظومة من العلاقات لا تقتصر على أشخاص ورموز، يصبح الشعار الأصح "كلنا يعني كلنا" شركاء في المسؤولية لأننا كمجتمع ارتضينا بمسار الأمور.
ان توصيف الواقع بدقة مدخل أساسي للتنظيم وتحمل المسؤولية بدل من رميها على أطراف أخرى.
إقرأ المزيد

عاجزة

أي خيار سياسي-اقتصادي يضر مصلحة فئة من المجتمع ويفيد مصلحة فئة اخرى. الزعيم الطائفي لا يستطبع اتخاذه لأنه سيخسر دعم فئة من طائفته دون كسب دعم آخرين من طوائف أخرى. لذا المنظومة الطائفية عاجزة في تركيبتها.
إقرأ المزيد
لا وجود لدولة فعلية في لبنان بل ائتلاف لزعماء طوائف. هؤلاء الزعماء يعترفون بشرعية بعضهم البعض ولكل منهم القدرة على التعطيل متى دعت الحاجة. لا يتصور هؤلاء الزعماء كسب تأييد أو دعم أفراد من الطوائف الأخرى، فتقتصر المنافسة ضمن الطائفة الواحدة. لذا لدى هؤلاء علاقة تكاملية حيث تغذي قدرة الطوائف بعضها البعض على الفرز وشد العصب، ولكنها أيضا تمنع اللاعبين الأساسيين من الخروج من هذه المعادلة، فيصطدم من يقرر اللعب خارج القواعد الموجودة بمصالح جميع زعماء الطوائف، ويواجَه باستحضار مشروع زعيم آخر من الطائفة نفسها للعب الدور نفسه.
إقرأ المزيد
الزعماء ليسم اشرارا بالمطلق ولا هم ملائكة، إنما هم حكماً أسرى أدوارهم وبخاصة اتجاه من يسمّونه جماعتهم، ويعنون بذلك المواطنين الذين يرون أن على علاقتهم بالدولة أن تمرّ بطائفة معينة. يدير هؤلاء الزعماء كيانات مقسومة عامودياً، أيّ أنها تضمّ في صفوفها جميع فئات المجتمع، أي أنّها تجمع افراداً ذات مصالح متناقضة. لذالك يتعذر على أي زعيم، بغض النظر عن مسيرته وخبراته المهنية والسياسية، أن يتخذ أي قرار يتعلّق بالمصلحة العامة، فأي قرار قد يحدث شرخاً ضمن الطائفة الواحدة التابعة ما بين مستفيد من القرار وما بين المتضرّرين. انطلاقاً من هنا نرى أن الزعيم محكوم بوظيفتين هما 1) إرضاء جميع فئات طائفته وبذلك تلافي اتخاذ أي قرار بالإضافة إلى 2) إرساء شعور بالطمأنينة لديهم، أي بث شعور ثابت بأنه قادر على حمايتهم من الطرف الآخر وتحصيل ما أمكن من الموارد المتاحة.
إقرأ المزيد
بسبب انحسار السلطة بزعماء الطوائف، يفتقد لبنان وجود دولة ذات وجهات سياسية حقيقية تمكنها من التخطيط والعمل على تحصين مجتمعها وتحسين ظروفه. لذا تضعف قدرة زعماء الطوائف على بناء علاقة ندية مع القوى الخارجية ويستعاض عن ذلك بالارتهان لمشاريع الدول الإقليمية والعالمية. تؤمّن تلك التبعية شرعية خارجية وتضمن لزعماء الطوائف قدرتهم على الاستمرار في حال لم يخطؤوا بقياس موازين القوى

عن الدفاع عن المجتمع

المجتمع هو متخيّل مشترك تَكوّن بفعل تكثّف لمصالح مادّية متبادلة بين افراده ولروابط معنوية جمعتهم، وأقام بالتالي تمايزاً كافياً عن المجتمعات المجاورة، بقدرٍ استطاع أن يولّد انتماءً من أبنائه نحوه. وبدورها، اعترفت المجتمعات المجاورة بوجوده، عبر تمايزها هي عنه.
السلطة هي نتاج ارتضاء أبناء مجتمع معين لشكل العلاقات التي يخضعون لها. والمجتمع، بدوره، يتشكّل ويتطوّر وفق النّظام السّلطوي الذي ينضوي تحته. السّلطة ليست مقصورة على الطبقة الحاكمة، أي أنّها ليست شيئاً يؤخذ ويعطى أو فئة تبقى أو تزاح، بل هي بنيان مؤسسي في صلب التّشكّل المجتمعي.
إقرأ المزيد
المجتمع في تتطوّر دائم، في حين أنّ السلطة تمر بحالات من الثبات المتقطّع ولا تتغيّر الّا في الأزمات، أي عندما تسقط قدرتها الاجرائية عن التعامل مع الخيارات التي تفرضها مرحلة ظرفيّة يستحقّ وصفها ب “أزمة"، تتطلّب اعادة التشكّل أو بالحد الأدنى اعادة ترتيب استلحاقاً لتطوّر المجتمع.
إقرأ المزيد
وقع الإفلاس على مستويات عدة - المال، الخدمات الأساسية، الطبابة، التعليم والهجرة. وهو يوشك أن يولد نزاعات وقد تصل الى حد الاقتتال.
إقرأ المزيد
الدفاع عن المجتمع يكون من خلال عدد من افراد هذا المجتمع، الذين يمتلكون الحرية والجرأة والمعرفة وينتظمون لمواجهة المخاطر من خلال الجهد الفكري النقدي والتجارب النضالية.
إقرأ المزيد

غايتنا كحركة‎ الاسهام الحاسم ببناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة و قادرة +

الاسهام الحاسم

التغيير حتمي لاستحالة استمرار الوضع الراهن، فالدولارات الحيوية لعمل النظام القائم تشرف على النفاذ. ان تُركت ادارة هذه المرحلة الانتقالية لسلطة ائتلاف زعماء الطوائف، ستحدث تأثيراتها تغيير للمجتمع في صميمه حتى تبقى السلطة. هدفنا توجيه هذا التغيير والانتقال الى دولة مدنيّة، الوحيدة القادرة على الدفاع عن المجتمع.
إقرأ المزيد
مقولة الاصلاح توحي بأنّ النظام كان ناجحاً في تحقيق غاياته الى أنه تعرّض لعطل بسبب سوء الإدارة، وأنّ تغيير اللاعبين أو ترميم الوظائف كفيل باستعادة النجاحات السابقة. الواقع أنّ سلطة ائتلاف زعماء الطوائف لم تستطع يوماً أن تنجح في إدارة هذا المجتمع وهي بالأخص عاجزة عن ادارة الأزمة. لذلك، يجب اقتناص فرصة السقوط المدوّي لهذا النظام واسهام بشكل حاسم في انتاج بديل مختلف عنه.
إقرأ المزيد
الإسهام الحاسم هو تغيير النظام السياسي الاجتماعي القائم عند المفاصل التي تظهر فيها تناقضات هذا النظام بحدة، وذلك من خلال استباق ظهور هذه التناقضات والتهيؤ معرفيا ونضاليا لها. ماهيّة المشكلة تحدّد طبيعة الحلّ، وبما أنّ طبيعة الأزمة تقتضي حسم خيارات سياسية، يصبح المجهود الفكري النقدي ركيزة لمعاينة الواقع وتقييم الخيارات المتاحة وفقاً للمخاطر. ينضوي عدد من الأفراد ضمن إطار تنظيمي يسمى الحزب السياسي بغية تعزيز فرصهم لتحقيق هدفهم المشترك من خلال توظيف مواردهم وقدراتهم بحسب الحاجة. وهذا المسار برمّته هو تعريف العمل السياسي.

ببناء دولة

الدولة هي المؤسسة التي يحصل أن يوليها مجتمع محدد صياغة الأدوار الجماعية والفردية المتشكّلة ضمنه، بما تتضمّن هذه الأدوار من عوامل غلبة، صياغة تشكل منظومة نظرية مرجعية، وهي مؤسسة تدعي بالتالي، زعما مقبولا، حق ومسؤولية فرض احترام هذه المنظومة، أي حيازة السلطة. تكتسب الدولة المدنية شرعيّتها أي ارتضاء مواطنيها بسلطتها أوّلا من الالتزام الدقيق لأجهزتها بتقديم المصلحة العامة التي تزعم النطق باسمها والعمل لأجلها على أية مصلحة جماعية أو فردية أخرى وهو ما يوصف بالحكم الصالح، في مقابل فساد الدولة. والمصلحة العامة ليست أفكارا مجرّدة بل هي التصور المتقبل في المجتمع لوظائف الضبط التي تبرّر أصلا قيام الدولة بوصفها جهازا يحشد الموارد ويتولّى توزيعها على مهام وفئات. الطابع الشكلي والاحترافي للدولة يرتّب رسم أطر منظمة لعملها، وهذه الأطر تنطوي على مقايضة تأسيسية بين اكتساب الشرعية أي الولاء مقابل منح اكتساب حقوق.
أولوية بناء الدولة وليدة خيار تبرره قراءة الأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية في الظرف التاريخي الراهن، فالدولة، اليوم وهنا، هي حاجة وظيفية للحفاظ على المجتمع. مع العلم اليقين بأن الدولة لا تعدو كونها ترتيباً موضعياً وظرفياً، وبأن هذا الترتيب يمكنه أن يتخذ أشكالاً عديدة متفاوتة الثبات والجدوى والقيمة، وأن تكييف هذا الترتيب هو في صلب العمل السياسي.
إقرأ المزيد
الطوائف ليست مجموعات اشخاص يتشاركون معتقدات دينية معيّنة، بل هي كيانات مجتمعية فئوية متشكلة ما دون الدولة. لا يمكن لهذه الكيانات الا ان تكون عدائية تجاه بعضها البعض، وبالتالي تقدّم الفئوية الضيقة على حساب المجتمع ككل. هذه الكيانات لا تنتج دولة، لا بل تقاوم محاولات إنتاجها، لأن الدولة تنحو، لا سيما في المفاصل الدقيقة التي تهدد بنيانها، إلى مواجهة مواقع السلطة المجتمعية، وهي، بشكل أعم، ترتب تبعات، نسميها مسؤوليات، يمكن للسلطات ما دون الدولتية تلافيها عبر الانكفاء أو التبعية أو المناورة أو "النأي بالنفس." الدولة ترفع درجة المخاطر والمكاسب، سلبا وإيجابا، لكونها تقيم علاقات مباشرة بالأفراد والأطراف الداخلية والخارجية
الدولة بطبيعتها هي ترتيب موضعي، ما يوجب الفصل بين داخل وخارج، أرضاً وبشراً، سعياً لتنظيم التفاعل بينهما بما يخدم مصالح الداخل. إن المشروع اللبناني للدولة، وبقدر ما يمثل قيمة للمواطن ضمنها، هو حكماً مشروع سياسي في الإقليم والعالم، يقدم نجاحه نمطاً جديداً لجدوى ومشروعية إقامة الدول في المساحة الإقليمية.
إقرأ المزيد
مشروعنا السياسي الذي نطرحه اليوم هو مشروع حماية المجتمع في لبنان، ولكنه أيضاً مشروع على صعيد المنطقة، التي تعيش واحدة من أسوأ تجاربها من حروب أهلية وانفجارات اجتماعية. يقدم نجاحه نمطاً جديداً لجدوى ومشروعية إقامة الدول في المساحة الإقليمية. إن مشروع الدولة المدنية في لبنان وفي المنطقة حصانة للمجتمعات من الطغيان الداخلي، والحروب الأهلية، وحماية من الهيمنة الخارجية الحاضرة دائماً، وهو النقيض الجوهري للمشروع الصهيوني. هذا البعد الإقليمي يوفر بالمقابل لمشروع الدولة المدنية العادلة والقادرة في لبنان زخما إقليميا كبيرا. وهذا البعد، إذا تم تثميره سياسيا مؤهل لإعادة الإقليم إلى لعب دوره الطبيعي في العالم وإلى إعادة التوازن إلى المنطقة عوضا عن استباحتها وسيطرة نزاعات الهيمنة عليها من قبل الدول الأخرى.

مدنية

أساس الدولة مدنية هو تعاملها مع المواطنين والمواطنات دون أي وساطة. تختلف الوساطة في منطقتنا من العالم بين وساطة عسكرية أو وساطة قومية وعرقية أو وساطة طائفية كما في لبنان. فالطائفية ليست إلا صيغة من صيغ التشكل الاجتماعي، تخلقها وتبلورها وتقضي عليها مسارات التاريخ، وهي في تشكلها وتطورها قد تأخذ اشكالا وسياقات مختلفة في أدوارها وتعابيرها، طبقا للظرف التاريخي الذي تكون فيه. لذا تستمد الدولة المدنية شرعيتها من علاقتها المباشرة بالمواطن وتبني عند تأسيسها تشكل مجتمعي مختلف عن الذي نعرفه الآن.
إقرأ المزيد
الصفة المدنية للدولة تنطلق من علاقتها المباشرة بمواطنيها، بينما الفيديرالية هو نظام حكم (قد يكون مدني) لديه إيجابيات وسلبياته. ليس لمواطنون ومواطنات في دولة تفضيل ايديولوجي لأي نوع حكم على اخر. بل ما يهمنا هو مصلحة مجتمعنا. ومن هذا المنطلق ندرس ايجابيات وسلبيات أي اقتراح لنوع حكم كي نحدد موقفنا منه. للقيام بذلك علينا الانطلاق من قراءة مجتمعنا كما هو، وكيفية بناء دولة حاضنة له تدافع عن مصالحه. في لبنان، في بلد بحجم مدينة، حيث تعمّق وتمأسس الانقسام الطائفي، تكون الدعوة للفدرالية دائما على أسس طائفية وإن لم يكن ذلك واضحا دائما، مما يعني أن نظام الحكم هذا، في هذه اللحظة التاريخية، لا يتناسب مع وضع أسس للدولة المدنية التي نسعى لها.
ما الفرق بين الدولة العلمانية والدولة المدنية التي يتبنّاها طرح مواطنون ومواطنات في دولة؟ من دون الدخول بسجالات عن معاني الكلمات وأصل كل منهما، يمكن الالتفات لمفهوم محدد بخصوص هاتين الكلمتين: الدولة العلمانية هي الدولة التي تفصل الدين عن الدولة. وقد تكون هذه العلمانية دكتاتورية أو عنصرية أو عسكرية اذ يقتصر مفهوم الدولة العلمانية على التعامل مع المواطنين دون الالتفات الى انتمائهم الديني، الا أنه لا يحدّد نوعية العلاقة. أمّا الدولة المدنية، كما ذكر في الأجزاء السابقة، فهي تستمدّ شرعيّتها من ارساء علاقة مباشرة مع مواطنيها.

ديمقراطية

الديموقراطية هي صمام الامان الذي يضع غلبة الأقلية الحاكمة في إطار محدّد، ويمنع تلك الأقلية من تجاوز المكتسبات التي ينالها الشعب المحكوم عبر المراحل الانتقالية التاريخية، بحيث تكون تلك المكتسبات حقوقا مكرّسة بنصوص دستورية وقانونية، كالانتخابات، والمساواة أمام القانون بين جميع المواطنين والمواطنات، أفرادا، وحق المساءلة القانونية والسياسية.

عادلة

الدولة عادلة تلتزم بتأدية ما تقره من حقوق فردية واجتماعية للمواطنين والمواطنات، فعليا، دون انتقائية ومتاجرة بالمنح والولاءات، وتدرأ عنهم المخاطر الخارجية، سواء أتت من العدو الصهيوني أو غيرها، وهي شديدة في واقعنا. هذه الدولة تؤمن الخدمات العامة، من اقتصادية واجتماعية ومالية، وتواجه السلطة الخبيثة للمال التي تزعم ان أدوار الدول قد انتهت، أي أن السياسة قد انتهت وبات الزمن زمن الإدارة، ولو سمّت نفسها رشيدة. كل ذلك لأن القلق والحاجة يلغيان العدالة.

و قادرة

الدولة القادرة تؤدي وظائفها تجاه مواطنيها بفاعلية عالية، وتنطلق هذه الفعالية من حشد الموارد البشرية والمالية، أي من إلقاء الأعباء اللازمة على المجتمع والاقتصاد بهدف مواجهة التحديات المفروضة على المجتمع من جهة، وتثمير الخيارات التي يتبناها هذا المجتمع في مواجهة الفرص المتاحة من جهة أخرى، وألا تتنازل لجهات خارجية أو خاصة، ان اعتبرت خيرة أو شريرة، عن أي من وظائفها.

عنوان المرحلة‎ فرض التفاوض على الإنتقال السلمي للسلطة +

فرض

لتكن خياراتنا أوضح، قد يكون مجدياً الاطلاع على منهجية الحركة ومقاربتها للعمل السياسي أوّلاً. النظام السلطوي-الاجتماعي الذي نسعى إلى تغييره ليس مادة جامدة بل لديه مناعة تسمح له بتخطي تناقضاته الداخلية والضغوط الخارجية ولو ضمن حدود. قدرة النظام على استيعاب انتفاضتي أزمة النفايات وتشرين من جهة واستمراره حتى الآن رغم التغيرات الدولية خير دليل على هذه المناعة. لذلك، لا يمكن أن يأتي التغيير كنتيجة لعمل تقني على غرار ما يسمى خططا وبرامج في المؤسسات التجارية. هذه التناقضات والضغوط نفسها هي التي تفسح المجال أمام تغيير النظام من قبل طرف قادر على استباقها وتحويل المواجهة باتجاهها.
إقرأ المزيد
العنف، كما التظاهر والعصيان المدني، هو مجرد أداة وليس هدفاً بحد ذاته. بالنسبة لنا، استعمال أي واحدة من تلك الأدوات غايته خدمة المشروع، وبالتالي يخضع لتقدير الجدوى. بما أنّ الطوائف هي كيانات عدوانية بطبيعتها، واستعمال العنف من قبل أي طرف في هذا الوضع المتفجر مرشح للتطور سريعاً إلى احتراب داخلي يأخذنا نحو مجهول ولا يستفيد منه الا الطوائف، ولأن الاحتراب يسمح بتجديد شرعية الزعامات (وليس بالضرورة الزعماء نفسهم) نتيجة لهذا الاحتراب، ولأن تفلت العنف يفتح الباب أمام التدخلات الخارجية ، فإن العنف لا يهيء الظروف المؤاتية لتظهير مشروع سياسي بديل عن المنطق الطائفي. نحن في حركة مواطنون ومواطنات في دولة لا نرى أن العنف في هذا الظرف يخدم مشروع المحافظة على المجتمع، ولذلك استخدامه كوسيلة ليس جزءا من طرحنا السياسي في الظرف الراهن.
مع انهيار النظام الاجتماعي-السلطوي وبنيته المؤسسية، تنهار جميع الأوهام التي بنيت على مدى عقود ويفقد الناس كل المعالم والقيم المجتمعية التي بنوا واقعهم على أساسها. في هكذا لحظات، رفض أو معارضة النظام، وان كانا محقّين، لكنّهما لا يكفيان. عندما يدخل المجتمع في المجهول، يتمسّك أبناؤه بما يعرفونه مهما كانت هشاشته. لذلك فإن تقديم تصوّر سياسي واضح لنظام اجتماعي-سلطوي جديد ضرورة مسبقة لأي عمل معارض جدّي، ان كان حزبا سياسيا أو تحالفا أو جبهة معارضة موحّدة. حتى الآن، لم ننجح في إقناع أحزاب ومجموعات المعارضة بضرورة وضوح الرؤية والعمل على تشكيل بديل يتحمل مسؤولية المرحلة الانتقالية. التواصل بين المجموعات اقتصر على التنسيق الميداني، ويبقى دون مستوى تطلعات الناس ودون ما نحن بحاجة إليه من أجل إحداث التغيير المطلوب.
إقرأ المزيد
حتى الآن، ولأنهم عاجزون عن بناء دولة تتعامل مع الخارج كخارج، يتعامل زعماء الطوائف مع الخارج بمنطق تبعي وليس انطلاقا من مصلحة لبنان. من الطبيعي أن تتدخل الدول في مسائل دول أخرى، ليس من باب الصداقة ولا من باب خبث النّوايا، انما من باب البحث الواقعي عن مصالحها، فالدولة هي أصلاً الجهة التي عليها التعامل مع الخارج انطلاقا من مصلحتها الذاتية. لأنّ لبنان اليوم هو في عين الإعصار، ولأن لدى بعض الدول مصلحة بأن لا ينفجر الوضع في لبنان حتّى لا يؤثر هذا الانفجار سلباً عليها، ولأنّ بعض الدول تسعى لتعزيز مصالحها في المنطقة، ولأنّ للخارج تأثيراً جذرياً على خيارات الزعماء الذين يتموضعون تفادياً لصدامها أو تحيّناً لإشارات منها، نعتبر كحركة أن أي بديل جدي عليه أن يتعامل مع الخارج، كل الخارج، بعقلانية وبمنطق الدولة. ويتجسّد هذا التّعامل العقلاني من خلال إيجاد تقاطعات تخدم المصلحة الوطنية وتساهم في الضغط على زعماء الطوائف من أجل الانتقال نحو دولة مدنية.

التفاوض

لأن السلطة لا تقتصر على طبقة سياسية أو زعماء أو فئة معيّنة، بل هي منظومة العلاقات داخل المجتمع، فأي تغيير في نظام إجتماعي-سلطوي، إن لم يأتِ مفروضاً من الخارج بالقوة، يأتي نتيجة تفاوض يفضّل أن يكون سلمياً في حال تعامل القيّمون على النظام بعقلانية. أمّا في حال سقطت الرهانات على عقلانية هؤلاء وتحسسهم للمسؤولية، فالتفاوض يأتي لينهي مرحلة الفوضى والاحتراب. من الأجدى اليوم العمل على فرض تفاوض سلمي على الزعماء الذين لا يزالون يتمتّعون بدعم شعبي كبير بدلاً من الدفع نحو فوضى تسمح للكيانات الطائفية (وليس الزعماء قصراً) أن تحكم قبضتها على ما سيتبقى من المجتمع.
إقرأ المزيد
المقايضة المطروحة اليوم أمام زعماء الطوائف واضحة وعقلانية. إما المجازفة بخسارة كل شيء، وإما التفاوض على خسارة بعض ما راكموه من سلطة ونفوذ، وذلك من خلال الانخراط الجدي في عملية التفاوض. هذا الرهان يعتمد على حسن تقديرهم لمستوى المخاطر التي تهددهم ولموازين القوى فيما بينهم في مقابل ما يصيبهم من تطبيق ما نطرح، بوضوح كامل، من شكل جديد للسلطة ومن خيارات سياسية واقتصادية ومالية.
إقرأ المزيد
المطالبة هي اعتراف ضمني بشرعيّة الجهة التي تُطالب وبقدرتها. نحن متأكدّون من أنّ زعماء الطوائف أعجز من اتخاذ أي قرار (سيئ أم جيد، لا فرق وهذا نقاش آخر). لذا لا نرى اي جدوى من مطالبتهم بإجراء إصلاحات من هنا أو من هناك. الطرح الوحيد هو فرض التفاوض على انتقال سلمي للسلطة.
إقرأ المزيد
نتمنّى أن يقرّ زعماء الطوائف بعجزهم وان يمضوا بالخيار الأكثر عقلانية، أي التفاوض على مشروع واضح لإدارة المرحلة الانتقالية. لكن ذلك لا يعني بالضرورة قبولهم جميعا في الوقت نفسه بالتفاوض، لأن ظروفهم تختلف لناحية قوتهم وتعرضهم للمخاطر.
الاتصالات السياسية قائمة حكما ولو بأشكال مختلفة:
  • بينما كان زعماء الطوائف مختلفين على قانون الانتخاب لتحاصص مجلس النواب، اقترحنا نظاما انتخابيا يكون مدخلاً لتحقيق تصحيح إرادي وتجنب الأزمة.
  • في 11 تشرين أول 2018 أصدرنا وثيقة سياسية عن التحديات المالية والاقتصادية والسياسية وأرسلناها لهم. كان التجاوب من قبل المعنيين بالشأن المالي أكبر من تجاوب زعماء الطوائف.
  • مع انطلاقة انتفاضة ١٧ تشرين، تكثفت الاتصالات المباشرة وغير المباشرة معنا قبل أن تتمكن السلطة من تنظيم انقلابها على الانتفاضة. وعندها توقفت الاتصالات لفترة.
  • عادت الاتصالات تزامناً مع أزمات تشكيل الحكومات من خلال طلب استشارات أو معونات وصولا إلى طلب المشاركة فيها، وهو ما رفضناه طبعاً ما لم يكن البحث في سياق تنظيم إدارة المرحلة الانتقالية.
زعماء الطوائف على علم بمشروع مواطنون ومواطنات في دولة كما طرحناه في الوثيقة السياسية التي أصدرناها في 17 تشرين الثاني 2019 والتي تبلور طرحنا لإدارة الأزمة.

على الانتقال السلمي للسلطة

هدفنا الانتقال من النظام الإجتماعي-السلطوي القائم على إئتلاف زعماء طوائف المنتهي الصلاحية إلى نظام إجتماعي-سلطوي جديد مبني على أسس متينة يكون فيه اللبنانيون واللبنانيات مواطنين ومواطنات يتمتعون بحقوق، و ذلك لا يكون إلا قيام دولة فعلية واثقة بشرعيتها، أي دولة مدنية.
إقرأ المزيد
مرّ هذا المجتمع بمراحل صعبة وعرف معنى العنف ومآسيه ، وخبرنا أن العنف يغذي الطوائف، التي هي كيانات عدوانية في طبيعتها. في حال تدحرج الانهيار الحالي نحو العنف، لن يبقى مجال للعمل السياسي بينما تؤول الأمور إلى إعادة تركيب منظومة طائفية بأشكال وبوجوه جديدة في أحسن الأحوال، وإلى تفتيت المجتمع والمجال في أسوئها. سلمية الانتقال لا تعني أنّه لن يحصل أي عنف، بل أن المواجهة لا يجب أن تصل إلى نقطة اللّاعودة وأن الانتقال سيحصل نتيجة تفاوض سياسي.
بعكس الرأي السائد، عدد كبير من التغيرات في الأنظمة الاجتماعية-السلطوية حصلت نتيجة تفاوض بين أطراف عدة، قد يكون جزء منها داخلياً وجزء آخر خارجياً. أكثر من 50 بلداً شهدت انتقالاً سلمياً للسلطة، ومنها تونس والسودان وجنوب أفريقيا واسبانيا والبرازيل والمكسيك والمجر والسلفادور وفرنسا وغيرها.
إقرأ المزيد
من الضروري ان تتمتّع الحكومة الانتقالية بصلاحيات تشريعية كي تتمكّن من اتّخاذ قرارات 1) سريعة و2) حرّة دون الرجوع الى مجلس النواب. وقد مُنِح عدد من الحكومات صلاحيات تشريعية في تاريخ لبنان.
إقرأ المزيد
تعطى الحكومة الانتقالية ثقة وصلاحيات استثنائية على أساس برنامج سياسي محدد وواضح ولفترة زمنية محددة (١٨ شهر في طرح حركة مواطنون ومواطنات في دولة). خلال هذه الفترة، يبقى مجلس النواب موجوداً ويستطيع في أي لحظة طرح الثقة بالحكومة.
تشكيل الحكومة هو بحد ذاته ترجمة لعملية انتقال شرعية السلطة من سلطة زعماء الطوائف، إلي سلطة الدولة المدنية التي تجسدها الحكومة والتي تحصل على شرعية في لحظة تأسيسها، إن لم تواجه اعتراضاً شعبياً. خلال أشهر ولايتها الثمانية عشر، تعمل الحكومة على ترسيخ الشرعية التي تشكلت على أساسها، أي شرعية الدولة المدنية، من خلال فعاليتها في إدارة المرحلة الانتقالية.
إقرأ المزيد
المفاوضات على مشروع الحكومة وصلاحياتها وشكلها تحصل قبل الإجراءات الشكلية التي تعتمدها السلطة لتشكيل الحكومات كما حصل تكراراً منذ نهاية الحرب. اتفاق الدوحة هو خير مثيل لهذا المسار. سافر الزعماء إلى الدوحة واتفقوا على قانون انتخاب وعلى رئيس جمهورية وتعلى حكومة، ثم عادوا إلى لبنان لتطبيقه شكليا من خلال دعوة مجلس النواب لإقرار كل ما اتفقوا عليه في الدّوحة. من ناحية الشكل، يتّبع تشكَّل الحكومة الانتقالية الآليات نفسها التي نص عليها الدستور الحالي.
برنامج الحكومة الانتقالية أهم بكثير من الأعضاء الذين يشكلونها، بما أن اجتماعهم على المشروع هو شرط أساسي لتواجدهم داخل الحكومة. المهم أن يتمتع الوزراء في هذه الحكومة بالمعرفة وبالجرأة وبحرية القرار. لقد بذلنا الجهد اللازم لإيجاد أفراد يتمتعون بالصفات الثلاث، وعلى ندرتهم، نحن واثقون من استعدادهم لخوض هذا التحدي.

ادارة الانتقال‎ إستيعاب مفاعيل الأزمة وإرساء شرعية الدولة المدنية +

استيعاب مفاعيل الأزمة الماليّة الاقتصاديّة

المرحلة الأولى
[٢-٣ اسابيع]
معرفة الواقع والاقرار به

نريد معرفة ما لنا وما علينا من مال وذهب وديون أي مشروع يجب أن ينطلق من معرفة الواقع. حتى الآن، ما زلنا لا نعلم فعلياً ما لدينا من موجودات وما علينا من مستحقات. تهدف الجردة إلى تحديد الموارد المتاحة فعلياً من أجل تأمين حاجات المجتمع الأساسية وإعادة بناء اقتصاد وتشكّل الخطوة الأولى لتحديد حاجتنا للتّمويل تمهيداً لأي مفاوضات مع الدائنِين الخارجيّين والداخليّين. لم تتعرف حكومة الواجهة التي رَئِسها حسّان دياب على الموجودات الفعلية فيما تضمن تقريرها اقتراح لتوزيعها دون أن يكون هذا التوزيع عادلاً أو هادفاً. أما ما فعلته لجنة "تقصي الحقائق" التي رَئِسها نائب من التيار الوطني الحر وشارك فيها ممثلون عن الزعماء الستة من إخفاء لهذه الخسائر فقد رتّب على المجتمع أثماناً باهظة كان يمكن تفاديها لو كان لدى الممسكين بالسلطة مشروعًا واضح المعالم.
إقرأ المزيد
يجري التفاوض مع الخارج بغية تأمين تسهيلات مالية (قروض، تسهيلات...) وتجاريّة (أسواق تصديرية، سلع وخدمات متبادلة،...). ويكون التفاوض مع أي دولة انطلاقًا من المصالح المشتركة، آخدًا بعين الاعتبار الكلف والاعباء السياسية الداخليّة والخارجيّة.
باستثناء عقود العمل أي الأجور، تعلّق مفاعيل كل العقود الماليّة حتّى اتمام الجردة. يشمل ذلك العقود المبرمة بين الدولة والاشخاص، الدولة والمصارف، والمصارف والاشخاص (بيوت، سيّارات وغيرها من الممتلكات). يهدف ذلك الى الحد من العبء الذي تشكّله هذه القيود في ظل التقلّب السريع في سعر الصرف، لاسيّما في الأمور التي تطال الأمان الاجتماعي كالسكن. أما في حال كان هناك رضى متبادل في الاستمرار بالعقد من قبل طرفيه، فلا مانع مبدئياً شرط ألّا يفرض أي من هذين الطرفين شروطه في حال امتلاكه اليد العليا.
معرفة الواقع تشمل أيضًا سائر القطاعات الاقتصاديّة كالتعليم والصحة والنقل وغيرهم. تشكل هذه المعرفة نقطة الانطلاق للمرحلتين الثانية والثالثة (ضبط مفاعيل الافلاس وتكوين مجتمع متماسك واقتصاد منيع).

المرحلة الثانية
[٣-٦ أشهر]
ضبط مفاعيل الافلاس

مراقبة كلّ التطوّرات المالية والاجتماعية والأمنية يوما بيوم وساعة بساعة بغية التدخل بسرعة وفعاليّة عند الحاجة. يمرّ لبنان بأزمة اقتصادية-مالية غير مسبوقة وعليه، سوف يشهد من دون شك، وبشكل شبه يومي، تطورات على الصعيد المالي، الاجتماعي والأمني. على سبيل المثال لا الحصر:
  • تغيير يومي في سعر الصرف،
  • انخفاض للمداخيل،
  • انقطاع مواد أساسية كالدواء،
  • هجرة جماعية،
  • ارتفاع حالات النشل والسرقة،
  • مشاكل نفسية وعائلية.
هذه التطورات وغيرها لن تكون آنية أو محصورة بمنطقة معيّنة أو وقت معيّن بل ستمتد على مساحة لبنان لتطال كل المجتمع ولفترة طويلة وذلك كنتيجة حتميّة لسقوط السلطة وعدم قدرة الدولة على القيام بوظائفها الأساسيّة. الهدف إذًا ألّا يلجأ الناس إلى أشكال الأمن الذاتي ولا ينجروا إلى استعمال القوّة لما يشكل ذلك من خطر على تماسك المجتمع.
الخسائر متحققة وهي تراكمت على مدى أكثر من ثلاثين عامًا. أدّى نهج ال “لا-قرار" المتّبع اليوم إلى تحميل الخسائر للطبقات الاكثر ضعفًا وهشاشةً. يجب أن تُحمّل الخسائر للأشخاص بحسب قدرة كل منهم على التحمّل. وعلى الذين راكموا الارباح على حساب المال العام أي مال المواطنين والبيئة (كالتعدي على الملك العام وتلويث الطبيعة) أن يتحمّلوا الجزء الاكبر من الخسائر الواقعة.
أي أن تحكمه إرادة سياسية توجهه صوب أهداف اجتماعية اقتصادية متبلورة. عمليًّا، تشكل التغطية الصحيّة الشّاملة والتعليم المجاني نقطة الانطلاق وأولى الاجراءات العمليّة في هذا الإطار. فتكريسهما كحق للمقيمين، يساهم بكسر شبكات الزبائنيّة التي ترعاها الاحزاب الطائفيّة من مدارس ومستشفيات ودواء، ويهيّئ لبناء اقتصاد منتج، لا يعتمد على تدفّق الودائع لتمويل الاستهلاك ويحدّ من هجرة اللبنانيّين، لا سيّما المنتجين منهم.
إقرأ المزيد
لا يخفى على أحد مركزية دور الإدارة، بمعناها الواسع، في هذه المرحلة والمراحل القادمة، لذلك في بداية هذه المرحلة تتم تعيينات إدارية وقضائية وأمنية بمؤهلات قادرة على مواكبة هذا المشروع السياسي في مفاصله كافة.

و ارساء شرعيّة الدّولة المدنيّة

المرحلة الثالثة
[سنة]
تكوين مجتمع متماسك واقتصاد منيع

تقوم الحكومة أولاً بتعداد لكلّ المقيمين لنعرف من هم سكّان البلد الفعليون، مهنهم وعملهم وأين يقيمون، ويستكمل التعداد بالإجراءات اللازمة ليشمل اللبنانيين المهاجرين، كي يصبح التمثيل السياسي متصلاً فعلاً بأماكن إقامة الناس وليس بالروابط العائلية والطائفية، وكي تطال التقديمات من صنف التغطية الصحية المقيمين فعلياً، وكي يطال التكليف الضريبي جميع المقيمين على كلّ ما يحصّلونه من مداخيل سواء في لبنان او من خارجه.
إقرأ المزيد
إن حرية الاعتقاد مطلقة. لذلك، لا يتم تصنيف المواطنين والمقيمين تلقائيُّا بطوائف عند إقامة التعداد السكاني. إنما لكل من بلغ السن القانوني من بعد هذا التعداد أن يعلن انتمائه لطائفة، في حال عدم رغبته(ها) باختيار العلاقة المباشرة مع دولته. في حال طلب المواطن الانتماء إلى إحدى الطوائف، تتولى الدولة حفظ حرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية الطوائف من بعضها البعض. يٌقر القانون الموحّد للأحوال الشخصية ويرسم الإطار لكلّ القوانين التي تطبّق على من اختار أن ينتمي إلى إحدى الطوائف، وهو يسمو عليها في نظر السلطات العامة.
يتحدد النّظام الإقتصادي بتوّزع الرّساميل والقوى العاملة بين القطاعات. إنّ النّظام الإقتصادي بوضعه القائم يعتمد على تصدير الشباب والشابات والتّسول للخارج. الانتقال من هذا النّظام إلى اقتصاد مقتدر ليس عمليّة سهلة، بل يتطلب وقتاً واكتسابًا لمهارات وتغييرًا في أنماط العمل والعيش. قد يترافق الانتقال من مهن وقطاعات إلى مهن وقطاعات أخرى مع خسارة بعض الناس لأعمالهم وإصابة قطاعات بأكملها. من هنا، فإن عملية الإنتقال ليست عمليّة ميكانيكية بل تتطلب مواكبة دؤوبة وسوف تحظى بها.
تتولى الحكومة إقامة علاقات جديّة مع الخارج بوصفه خارجًا أي بحسب ما تمليه المصالح المشتركة بيننا وبين هذه الدول. فالانتقال الذي تفرضه الأزمة على من يريد تخطي مفاعيلها وأسبابها يحتاج، لا سيما في بلد صغير، وطبعاً بحدة تختلف بحسب نتائج الجردة، إلى عقد علاقات اقتصادية ثابتة مع دول لا تناصبنا العداء ولا تسعى إلى تفتيت مجتمعنا وتهديد شرعية سلطتنا.

المرحلة الرابعة

انتخابات نيابية

يكون الاقتراع على أساس الإقامة الفعلية، ويكون لكل ناخب وناخبة في الانتخابات النيابية الحقّ بأن يختاروا أن يتمثلوا مباشرة من قبل مرشحين ومرشحات لا ينتمون إلى أية طائفة، أو بالمقابل أن يتمثلوا بمرشحين كانوا قد أعلنوا انتمائهم إلى طوائف. توزع المقاعد نسبيًا بحسب أعداد المواطنين بين الممثلين مباشرةً أو من خلال الطائفة. يتم الحفاظ على "التوازن" النسبي في المقاعد بين الطوائف.
إقرأ المزيد

الوجهة إقتصاد و دولة للبنان +

مقدمة منهجيّة

يتناول الفصل الأول من الكتاب طبيعة الاقتصاد وأشكال توزّع الموارد وصولاً الى شرح أشكال العمل العامّ المختلفة والقيود عليه. كما يشدّد على ضرورة التنبّه الى أن امولة الاقتصاد تفرض سطوة منظومة من المصالح على المجتمع ككل. وبالتّالي فإن خلق فرص عمل في اقتصاد دولة ما يحصل عبر تمويل الاستثمارات الثّابتة وليس بمجرد توسع التمويل بمختلف غاياته.
صغر اقتصاد لبنان يفرض قيوداً من جهة ويفتح مسارات من جهةٍ أخرى. أي تطور ولو محدود على المقياس الدولي أو الإقليمي يمكن أن يولّد تأثيرات معتبرة على المقياس المحلّي. كغيره من الاقتصادات الصغيرة، اقتصاد لبنان لا يمكن أن يتفلت من عبء محدودية وفورات الحجم الا عبر وسائل أخرى كالانخراط في اقتصادٍ إقليمي أوسع مثلاً. لذلك، يتوجب التعامل مع العلاقات الاقتصاديّة نفسها على أنّها علاقات سياسية محطومة بموازين القوى.

الواقع والارث

إثباتا لأنّ الأزمة المالية ليست وليدة الصدفة، يخصص الكتاب فصله الثاني لتحديد خصائص تكوّن عناصر هذه الأزمة. أبرز هذه الخصائص صمود النظام المالي الاستثنائيّ في وجه تراكم الديون، وتدنيّ معدلات النموّ، وارتفاع مستويات الاستهلاك، إضافةً الى افتقار الدولة وإداراتها وخدماتها الى الشرعيّة بالتوازي مع تكشّف عجزها عن إنشاء مؤسسات فعّالة في أي مجال. هذه الخصائص ترتبط جميعاً بتحوّل لبنان إلى نقطة جذب لرؤوس الأموال وانخراطه المتمادي في حركة تنقّل القوى العاملة في المنطق ككلّ. لم تسعَ السياسات الداخليّة إلى تخفيف آثار هذه العوامل، بل ضخّمتها باتّباعها سياسات نقديّة تعتمد على دولرة شاملة للاقتصاد وعلى إنفاق عام سخيّ وعلى النجاح في إيهام المقيمين بأنهم يستخدمون دولارات "حقيقية" في حين أن الدولار "اللبناني" عملة وهمية.
يجب التمييز بين حقبتين:
  • الحقبة الأولى بين عامّ 1993 وعامّ 1997 شهدت عجوزات أوليّة بلغت 8% من الناتج وسطياً.
  • الحقبة الثانية أتت بعد عام 2001 حيث لم تتجاوز العجوزات الأوليّة 1% من الناتج.

إقرأ المزيد
نتائج النمط المتّبع:
  • أولاً تخصيص الموارد المحليّة بشكلٍ كبيرٍ لإنتاج خدمات غير قابلة للتبادل، وتقلّص فرص العمل في القطاعات المنتجة للسلع والخدمات القابلة للتبادل.
  • ثانياً ارتفاع أسعار عناصر الانتاج المحليّة من دون زيادة موازية في انتاجيتها، ومع ضيق فرص العمل المأجور، ما أدى إلى حصر عمل النساء في عددٍ محدودٍ من المهن.
تتميّز حالة لبنان عن حالة البلدان التي شهدت تطورات مماثلة بسمتين:
  • عدم ارتباط تدفق الأموال بتصدير موارد طبيعية كالنفط، بل بتحويلات اللبنانيّين، فيتحولون بذلك الى مادّةٍ للتصدير،
  • خلافاً للبلدان النفطية، تراكمت هذه الأموال بشكل ودائع وديون.
تأثيرات ترسّخ "الداء الهولندي" على الاقتصاد:
إقرأ المزيد
حتّى اليوم، وبعد حصول الانهيار، لم تعتمد أية أيّ سياسات اقتصادية لا لتخفيف الآثار الاجتماعية للنمط الاقتصادي، قبل انهياره، ولا لمواكبة المرحلية الانتقاليّة التي افتتحها انهياره.
إقرأ المزيد
في ظلّ هذا النظام السياسي والاقتصادي الذي بدأ في منتصف الثمانينات، شهد البلد هجرةً كثيفةً وارتفعت أعداد الوافدين الى لبنان وازدادت أعدادهم. أصبح عدد اللّبنانيين المهاجرين يعادل ثلثي عدد اللّبنانيين المقيمين. وبلغ عدد غير اللبنانيين المقيمين أيضا ثلثي عدد اللّبنانيين المقيمين، أدّى ذلك الى تغيير التركيب العمري للمقيمين بشكل كبير بين عامي 1997 و2009 فاللّبنانيون الذين تقلّ أعمارهم عن 20 سنة يمثلون 34% من المقيمين، بينما تبلغ هذه النسبة 57% لدى اللاجئين السوريين.
إقرأ المزيد
أدّى وصول ما يقارب 1.2 مليون نازح سوري بين عامي 2012 و2013 الى تغيير بنية لبنان الاجتماعيّة والاقتصاديّة. تمثّل هذه الأعداد زيادة 23% في عدد السكان المقيمين و18% في القوى العاملة، لكن نمو الناتج المحليّ بقي هزيلاً بالرغم من زيادة المقيمين والعاملين والتدفق السنوي للمساعدات الخارجيّة. لم يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2012 و2017 سوى بنسبة 8% بالقيمة الحقيقية، فانخفض نصيب الفرد، وسطياً، من الناتج المحلي الإجماليبنسبة 12%. أدّت هذه التطوّرات الى تدهور خطير في توزيع الدخل والثروة، ووّلدت ضغوطاً على الاقتراض والتوظيف في القطاع العامّ من قبل الفقراء اللّبنانيين. كما تزامنت مع تدهور أسعار النفط بعد عامّ 2014 وقطع طرق التجارة البريّة، فأدّت، مجتمعةً، الى تدهورٍ خطيرٍ في ميزان المدفوعات الهشّ أساساً. ردّ مصرف لبنان بإغداق الهبات على المصارف تحت مسمّى الهندسات الماليّة لدفعها لإجتذاب ودائع جديدةً بالعملة الأجنبية تسمح له بتجديد احتياطاته. لكن محاولات الإنقاذ هذه فشلت في العام 2018، فأوقف المصرف المركزي برامج قروض الإسكان المدعومة بسبب استنزافها لاحتياطيات النقد الأجنبي.
تمكّن هذا النظّام الماليّ من الاستمرار واستفاد من مفعول منشّطات باريس 2. بالرغم من التوتر السياسي، ومفاعيل حرب تموز، والحرب في سوريا، استفاد النّظام من ارتفاع سعر النفط وتعاظم دفق الأموال التي ساهمت به الأزمة الماليّة العالميّة (عامّ 2008). لكن هذه المنظومة تعطّلت، في ظل بيد حكومة هزيلة عامّ 2015، وارتفعت المخاطر وأتت أزمة النفايات كإشارة تحذير، ليشهد عام 2016 محاولة ترميم أولى تم تنفيذها على ثلاث جبهات: على الصعيد المالي بتغطية خسائر المصارف وبالهندسات المالية بنحو 6 مليار دولار، على الصعيد الشعبي بمهرجان الانتخابات البلدية، وعلى الصعيد السياسي حيث تمّ إنجاز التسوية الرئاسية تحت مشورة الخارج.
إقرأ المزيد
قدّرت الحكومة الخسائر انطلاقاً من الميزانيات، فاختلفت تقديراتها بين الصيغ المتتالية للبرنامج واعتمدت الصيغة رقم 41 الرقم 83 مليار دولار فيما قلّصت الصيغة رقم 42 الرقم الى 63 مليار دولار! غير أن تقدير الحاجات التراكمية للتمويل الخارجيّ على سنوات البرنامج الخمس بقي ثابتاً عند المستوى نفسه (27-28 مليار دولار) مع توقّع الصيغة رقم 41 انزلاقاً تدريجياً لسعر الصرف من 3000 ليرة لبنانيّة للدولار الواحد الى 3500 ليرة بين عاميّ 2020 و2024 أما تقديرات الصيغة رقم 42 فكانت تتراوح بين 2500 ليرة و4300 ليرة لبنانيّة للدولار الواحد.
إقرأ المزيد
بعدما عقدت بعثة صندوق النقد الدولي 14 اجتماعاً مع الفريق الحكومي اللبناني، صدر تصريحان رسميان مفادهما أنّ خطّة الحكومة تمثّل نقطة انطلاق جيدة للمفاوضات الجارية، وأنّ الانطباع الأولي لفريق صندوق النقد هو أن برنامج الإصلاح يقارب حجم المسائل من ضمن الفرضيات المعتمدة. بقيت الإشاعات حول استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتداول حتّى تاريخ 12 حزيران 2020، لكن لم يطرح استبداله ضمن جدول الأعمال، في حين تولّى رئيس المجلس النيابيّ نبيه بري التصريح بعد اجتماع ضمّه ورئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب في بعبدا عن ثلاث قرارات: أولاً تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانية وثانياً مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، برعاية المجلس النيابي، وبقاء رياض سلامة.
إقرأ المزيد

الخيارات الاستراتيجيّة

الأضرار التي وقعت هائلة، إنما الأخطر هو تحجّر أنماط السلوك الذي بات عائقاً أمام العمل السياسي. هنا، يصبح الخياران الأساسيان مترابطين ويحكمان التوجه، يتعلق الأوّل بالبنية الاجتماعية- السياسية بين السكان والثاني بالعلاقات السياسية والاقتصاديّة في المجال الإقليمي.
الغاية من الإدارة الاقتصادية ليست السعي للمحافظة على المخزونات المالية أو توزيع أعبائها وملكيتها (شطب جزئي أو كلّي للذمم المالية، الكابيتال كونترول...) إنما ترميم التدفقات الاقتصادية، أي الدخل والاستهلاك والاستثمار. الانتقال من التفكير بالمخزون الى التفكير بالدفق ضروري لكنه يصطدم بالمصالح القائمة وبمعوّقات نظريّة ومؤسسيّة.
إذا ما اعتمدنا منظور السيولة، قد تبدو الخسائر هائلة، فالسيولة هي التي تحرك المودعين، وباتت تعني "دولارات حقيقية". الخسائر تحصل عند توفّر شرطين: الأوّل، فروقات سلبية بين القيم السائلة المقابلة لسندات دين الدائن، والثّانية إذا لم يعد الإطار المؤسسي الذي يرعى هذه الانتظارات أو الوعود، لأن أية ذمة مالية ليست سوى وعدٍ بالسداد، مقبولاً من كل من الدائن والمدين.
إقرأ المزيد
كما سبق وذكر، بات غير اللّبنانيين يمثلون جزءاً كبيراً من السكان وخاصّةً من الفئة الناشطة منهم. وهم إما عمّال قدموا بشكل إفرادي بغرض إرسال عملات الى عائلاتهم، ومن المرجح أن يغادروا بسبب فقدان العملات الأجنبية، أو عمال حضروا مع عائلاتهم ومعظمهم من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بشكل دائم ومن اللاجئين- النازحين السوريين التي تشكل عودتهم مشكلة، ويمكن التعامل مع وضعهم الراهن وفق صيغ مختلفة. الصيغة الأولى تقوم على الحفاظ على الوضع الراهن، أي على إبقاء أكثر من مليون سوري في لبنان مما قد يؤدي الى تفاقم التوترات بين الفقراء اللبنانيين والسوريين، خصوصاً مع استمرار المساعدات الانسانيّة للسوريين. هذا الاحتمال مرتفع لكنه غير قابل للإدارة دون ترتيب أوضاع السوريين. أمّا الصيغة الثانية، فتقضي بدمج قسم من السوريين في المجتمع اللّبناني، وتزداد احتماليّة قيام هذه الصيغة مع مرور الوقت. أما الصيغة الثالثة فهي فرضيّة عودة اللاجئين وهو احتمال مستبعد اليوم، والصيغة الرابعة هي بإعادة هيكلة المجال الإقليمي.
ماذا يقدّم المهاجرون؟ العجز المتراكم بالاستثمارات كبير، وإذا لم يعوّض فهذا يعني أن المداخيل سوف تبقى متدنيّة لفترةٍ طويلةٍ، مما قد يدفع نحو المزيد من الهجرة. الدور المرتجى من المهاجرين الاسهام الحاسم في الاستثمارات، وزيادة الطلب الخارجي على المنتجات اللبنانية، قبل تمويل الاستهلاك المحلي والمضاربات العقاؤية، سواء كان ذلك من أموالهم ومن خلال علاقاتهم بالشركات وبالأسواق العالمية. ومن الواجب الاهتمام بالمصالح المادية للمهاجرين وإنشاء وضع قانوني يؤمّن لهم المشاركة المتوازنة في الحياة العامة.
يمكننا تصوّر عدة نتائج محتملة للأزمة التي وجد لبنان نفسه غارقا فيها، شريطة أن ينظر اليها على انّها انتقال مما لم يعد موجودًا – وان استمرّ الناس بالتمسّك به – الى ذاك الشيء الجديد الذي يجدون صعوبةً في تصوّره برصانة.
إقرأ المزيد

استكشاف البدائل

إن الادعاء برسم خطط عمل تطبّق ميكانيكياً هو أمر غير واقعي، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار تعقيد مسارات التطور الممكنة وتعدد التأثيرات الخارجيّة في أكثر مناطق العالم اضطراباً. تعتمد فلإجراءات على اعتبارات الضرورة واعتبارات القدرة، وهي تدور حول ثلاث مسائل محورية؛
  • أوّلاً رسم أطر الخيارات القطاعية،
  • ثانياً المحيط الإقليمي،
  • وثالثاً وسائط مواكبة العملية الانتقالية.
لرسم أطر الخيارات القطاعيّة، يحتاج التصحيح في مجال زيادة الانتاج الى وقتٍ أطول منه عبر تقلّص الطلب. هنا، تصبح المسؤوليّة السياسيّة لتقصير الفارق الزمني فائقة الأهمية، فزيادة الانتاج تتحقق أسرع مع توفر ثلاثة شروط، على أن ينخرط هذا الخيار وأشكال التدخل ضمن إطارٍ عامّ ويرتبط بشكل المجتمع الذي نريده. تتوقف الأفضلية التي تمنح لأحد القطاعات ولإحدى وسائل التدخل على اعتباراتٍ عديدةٍ منها:
  • اوّلًا، على الطاقة التصديرية، وهي معيارٌ أساسيٌّ لتصحيح الميزان الاقتصادي وما يتبعهما من ضرورة جذبٍ مستمرّ لرؤوس الأموال.
  • ثانيًا، على مرونة العمل نسبةً للانتاج، حيث أن توليد فرص عمل بات تحدياً سياسياً.
  • أمّا الاعتبار الثالث فيقوم على مضاعفات الإنتاج غير المباشرة التي يمكن تعظيمها إذا تمكن لبنان وسوريا من إقامة علاقاتٍ تكامليةٍ بين اقتصاديهما.
يتوجب أن يهتمّ أي إجراء يتخذ، فيأي قطاع، بوجهة وكيفيّة إعادة تخصيص عوامل الانتاج المنخرطة في الأنشطة، ويكون من الواجب تخفيف المخاطر التي تصيب الأسر والمؤسسات جرّاء إجراءات التصحيح المالي وتخفيف المخاطر المرتبطة بالأزمة نفسها.
لا شكّ أن مصلحة لبنان تقتضي تنظيم علاقاته الإقليمية لأنها أداة حاسمة لتصحيح التشوهات الاقتصادية والاجتماعية الموروثة بكلفةٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ منخفضة. ولا بد أيضاً من الاعتراف وقبول فكرة أن لبنان وسوريا لن يعودا الى وضعيهما السابقين وأن ديناميّة الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادي تصوغ كل يومٍ مشهداً اجتماعياً واقتصادياً ومجالياً جديداً للبلدين. في ظل عوامل عدم اليقين وضمن شروط عديدة، وبعد ايضاحات ضرورية نستفيض في شرحها في المشروع الموسّع، يمكن استعراض الاصعدة المختلفة التي تتأثّر وتؤثّر على الخيارات المتّخذة، ما يبيّن قدر أهمية الرهانات وصعوباهتا في آن معا. على الصعيد الاقتصادي، يجب تركيز العمل باتجاه هدفين،
  • الأوّل زيادة حجم الطلب على المنتجات اللّبنانية - السورية في الأسواق الخارجيّة،
  • والثّاني مواكبتها من خلال تعزيز القدرات الانتاجية الداخليّة المتوفرة في لبنان وسوريا معاً.
هذه الإجراءات يمكن أن تسهم بدعم الانتاج اللّبناني والسوري وتمهّد الطريق أمام التكامل الإيجابي بين البلدين واتجاه باقي الدول العربية. لكن الخيارات تتعدّى الصعيد الاقتصادي، وتشمل اهدافا على الأصعدة السياسية والاجتماعيّة والمجاليّة.
خلال مواكبة العمليّة الانتقاليّة، أي العبور من بنيةٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ معينة الى بينةٍ مختلفةٍ، من المهمّ تنمية وتغليب الوعي للطابع التطوري للعملية الانتقالية. صدقيّة المشروع تمر تحديدا بتثبيت الحق بالتقديمات الاجتماعية، والتغطية الصحية، والدخول المجانيّ الى نظام تعليمي ينهي آليات توارث النخب وآليات تقسيم المجتمع طائفياً.
تجدر الاشارة هنا، أنه، وعلى مستوى الإدارة الخاصّة، كلّ شيء ينبع من قناعة أي منتج قائم ومحتمل وإذا ما كان بإمكانه أن يستمرّ. تنظر المؤسسات الخاصة إلى العمل كعنصر انتاج وبند كلفة، اسوة بالعناصر والبنود الأخرى. إنما الأمر يختلف كلياً على مستوى الاقتصاد والمسؤولية السياسيين. يعتقد كثيرون أن زيادة الإنتاج تترافق تلقائيا مع زيادة فرص العمل. لكن الانتاج يزداد أيضا بزيادة الانتاجيّة. وهدف المؤسسة الرأسمالية زيادة الأرباح وليس زيادة الانتاج أصلاً. وولا يصح اعتبار التمويل وسيلةً فعالة بالضرورة لتوليد فرص عمل، بل يمكنه أن يخدم زيادة مكاسب رأس المال على حساب زيادة الارباح، وزيادة الارباح على حساب زيادة الانتاج.
إقرأ المزيد

الاجراءات العابرة للقطاعات

يتعامل النهج المحاسبي-المالي مع الماليّة العامّة من منظور الدين واستدامته، لذلك، ولضمان سداد قروضه، يفرض لصندوق النقد الدولي شروطه قبل أي سبب آخر. فيما نرى أن دور الضرائب الرئيسيّ هو خدمة تمويل خدمات عامّة مستدامة ذات نوعيّة أفضل، وأن يكون للضرائب بعداً تحفيزياً. على صعيد الواردات، لا مبرّر لوضع مداخيل الأسر من الإنتاج في سلّة واحدة مع مداخيل الأموال والريوع وأن تخضع لمعدلات الضريبة نفسها، ويجدر التركيز الضرائب على الدخل بدلا من استسهال إلقائها على الاستهلاك. على صعيد الإنفاق، السمة الرئيسية للنهج المتّبع الحجم الاستثنائي لنفقات إعادة التوزيع على حساب الانفاق الاستثماري وعلى حساب الانفاق الضروري للإنتاج الفعّال للخدمات العامة. تجدر الاشارة هنا إلى أن نفقات التوزيع، التي تسمّى "فساداً"، شكلّت العصب الوظيفي ّللنظام الاقتصادي السياسي المتهاوي.
سقط النظام المصرفي ومعه المصرف المركزي. السؤال الأساس: ما هي الوظائف التي يطلب من الوساطة المالية القيام بها في المرحلة الانتقاليّة؟ وأي قطاع مصرفيّ يحتاجه لبنان؟ وفي أيّ مرحلة من العملية الانتقاليّة يجب أن تتمّ إعادة بناء القطاع المصرفيّ؟...
إقرأ المزيد

الخيارات القطاعية

في القطاع الصحي، يجب أن تشكّل المداخيل الناتجة عن مصادر الريوع المختلفة القاعدة الرئيسيّة لتمويل التغطية الصحيّة. ولا يوجد أي سبب لتمويلها عبر الإشتراكات الإلزاميّة المحتسبة على أساس الأجر خصوصاً في ظلّ ارتفاع معدلات البطالة وإنخفاض الأجور الحقيقيّة. يتولّى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مسؤوليّة إدارة النظام الذي يغطّي الخدمات الأساسيّة بصورةٍ شاملةٍ، وتؤمن التقديمات التكميليّة للصناديق الحالية للمهن، صناديق التعاضد وشركات التأمين الخاصّة.‎
إقرأ المزيد
هدفنا أن يؤمّن النظام التعليمي وظائف محدّدة ومنها: تعزيز الشرعيّة المدنية للدولة، تغذية الفكر النقدي، وتنشيط الحرية الفكريّة، وانتاج المعرفة، وتطوير القدرات على إدارة الطلب ومواكبة العملية الانتقالية من خلال دمج التدريب ما بعد المدرسيّ. ما تطرحه الأزمة الاقتصاديّة من اعتباراتٍ اجتماعيةٍ يسمح لنا بإعادة تركيز التعليم على وظائفه الاقتصاديّة والسياسيّة. يصبح التعليم الأساسيّ، وصولاً للمرحلة التكميليّة إلزامياً ومجانياً، حتّى المرحلة الثانوية، على أن تغطّي الدولة تكاليف التعليم في المدارس الخاصّة المتعاقدة مقابل التزامها بمنهاج واد وبشروط تسهل الاندماج الطبقي والطائفي. في المقابل يتمّ التعامل مع المؤسسات التعليميّة غير المتعاونة بوصفها مؤسسات تجاريّة. كما تعاد هيكلة التعليم العالي لربطه باحتياجات التحوّل الاقتصادي.
إقرأ المزيد
السكن ليس مجرّد سقفٍ يلبّي حاجة وظيفية بديهيّة. في النظام السياسيّ الحاليّ، هذا المجال أصبح تراتبياً ومنظماً وفق أسس تعكس المرتبة الاجتماعية والانتماء الطائفي، فانتهى الأمر بتهميش بعض البلدات والمدن لتزداد الكثافة السكانية في مناطقٍ دون سواها. كما وظّف 65% من التحويلات الأجنبيّة التي وفدت في المضاربات العقارية ما ساهم في تقهقر القطاعات الانتاجية الأخرى وفي رفع أسعار الأراضي والإيجارات. هذه الاستراتيجيّة المدينية حوّلت الاتوسترادات الى جادات تجارية، ودمّرت المباني والمناطق التراثية لتتكاثر مدن الأشباح في ظلّ غياب أي تعداد سكاني رسمي. الحادة تبرر تدخّلاً حازماً على مستوى السياسات الماليّة وسياسات التنظيم المدني. أصبح من الضروريّ وقف عمليّات الإخلاء أولاً، ثم إعادة صياغة العقود وجدولة القروض، بهدف ترشيد الأسعار العقارية وتلافي حصول إفلاس منظومي للمطورين العقاريين ولشركات البناء والدراسات. كما نحتاج الى سياساتٍ ماليةٍ وضريبية دقيقةٍ كي يتناسب الإيجار مع أوضاع كلّ من المالكين والمستأجرين.
إقرأ المزيد
الطاقة الكهربائية سلعة ضرورية. هي اليوم تؤثر سلباً على ميزان المدفوعات لناحية كلفة الانتاج وفاتورة الاستيراد، ولا تتوفر الكهرباء عبر الشبكة الوطنية إلا لنصف الوقت، كما يعتمد 84% من المساكن على المولّدات الخاصّة في الأحيّاء التي يتقاسم أصحابها المناطق تحت حماية الأحزاب. يجب تناول مسألة الكهرباء من ثلاث زوايا: تكاليفها الانتاجية المرتفعة، الخسائر الفادحة التي تتكبدها مؤسسة كهرباء لبنان، ونسج المافيا لشبكتها في الهيكل المتصدع. من القرارات التي يجب اتّخاذها أولاً تنظيم الاستهلاك. يحصل ذلك عبر وضع تعريفات وأحكام مالية مكمّلة تهدف بمجملها إلى تقليل الاستهلاك، وحصر الدعم بشريحة الاستهلاك الدنيا، وجعل تكلفة الطاقة تصاعديّة، بالاضافة الى خفض تكاليف الطاقّة للأنشطة الانتاجيّة بحسب حجم قيمتها المضافة وصافي صادراتها وعدد الوظائف التي تؤمنها. القرار الثّاني يقوم على تنويع أنماط إنتاج الطّاقة للتخفيف من المخاطر البيئية والتكنولوجيّة والاقتصادية والسياسية بدلاً من تأجيل الخيارات باستمرار والانتهاء مع حلول مؤقتة تستمر بحكم الأمر الواقع.
إقرأ المزيد
تضم الاتصالات مجموعة تتزايد باستمرار من خدمات الاستهلاك النهائيّة، انّما أيضًا من خدمات تدخل في عمليات إنتاج العديد من الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية، وهي ّبالتالي تساهم في تفريع مواقع الأنشطة، وفي إحداث تحوّلات لسلاسل الانتاج والتوزيع. توفر الاتّصالات كذلك أداة رئيسية للرقابة، سواء القضائية أو الأمنية، الوطنية أو الأجنبية. وهي تمتاز بانّها تشكّل مصدرًا سهلًا للريوع نظرًا لطبيعتها الاحتكارية وللطلب الهائل الذي تستولده. كون القطاع مملوكاً من الدولة، أبقى الباب مفتوحا لهيكلته بشكل ذكي، يدمج أبعاده الاقتصادية والعلمية والسياسية، ويستفيد من تجارب الدول الأخرى، من دون الخضوع للقيود التي فرضتها عليها الخيارات التي اعتمدتها سابقا. المهارات المهنيّة والتجاريّة التي اكتسبها اللبنانيون المقيمون، وأيضا المهاجرون، في إنتاج البرامج التطبيقية وفي إدارة الخدمات، تسمح بتوقع تأثير كبير على التوظيف والدخل، محليًّأ ومن خلال التصدير. تقوم هذه الهيكلية على فصل واضح بين
  • اوُلًا طبقة الشبكة، سواء كانت سلكية أو لاسلكية، وهي طبقة تبقى ملكا عاما،
  • وثانيًا طبقة الخدمات، في تنوّعها الكبير من حيث النطاقات والتقنيّات، التي تفتح للمنافسة.
  • هذا الفصل وفق ّ الطبقات "الأفقي" يتعارض أساسا مع الهيكليات العامودية المستقلّة وغير المنسّقة وفق ما يسمّى نمط "الاهراءات".
تلبّي المياه احتياجات حيويّة. يجب الأخذ بعين الاعتبار قيمتها الاقتصاديّة والبيئيّة في استخدامها المنزلي، لذا لا يجوز اعتبار استخدام المياه مجانياً. المياه ليست منتجاً استهلاكياً ولا مخزوناً من الموارد بل هي تندمج ضمن ادورة طبيعيّة، لذلك يجب أن تتناول الإجراءات العامّة في هذا القطاع أربع حلقات رئيسيّة من الدورة: أوّلاً السيطرة المحكمة على المصادر الرئيسيّة للمياه، ثانياً إقامة شبكة توزيع فعّالة تقلل من الخسائر والتسرّب، ثالثاً وضع تعرفة تنظّم سلّم الأولويّات بين وجهات استخدام المياه وفق مستوى الحاجة الحقيقية، ورابعاً التحكم بإعادة التدوير ولإعادة تغذية الدورة بمجملها.
تحولت إدارة النفايات في لبنان الى مثالٍ أسطوري. إضافة إلى المكبات العشوائية وردم البحر، ويعاد إطلاق مشاريع المحارق دورياً من دون إقامة أي اعتبارٍ للبيئة. إدارة النفايات يجب أن تبدأ من الإدراك بأن النفايات هي حلقة من حلقات دورة المنتجات. تترتب على ذلك ضرورة التمييز بين فئتين للعمل. الفئة الأولى تقنيّة، وتشمل الإجراءات التالية: التقليل من النفايات الصناعيّة واستبدالها ببدائلٍ قابلة للتحلل، فصل أعلى نسبة ممكنة من النفايات وفقاً لعملية معالجتها، معالجة كل فئة من فئات النفايات بالطرق المناسبة والتخلّص من المخلّفات بالطرق المناسبة. الفئة الثّانية مؤسسية تتعلّق بالاقتصاد السياسي، وتتضمن الإجراءات التالية: توضيح مسؤوليّات السلطات المركزيّة والمحليّة وليس صلاحياتها، إعادة صياغة التقسيمات الإداريّة لتكون البلديات قادرة على تحمّل مسؤوليّاتها بشكلٍ فعّال، إعادة صياغة صفة المقيم والناخب وتنظيم صلاحية الأراضي للبناء وفق أطر تجمع بين النهج المعياري الذي يسمح بمراعاة التجهيزات المهيكلة للمجال وطبيعة التربة.
تعزيز قدرات شبكة النّقل لا يؤدي إلّا الى استقطاب المزيد من السيارات وينتج عن ذلك خسائر كبيرة لناحية الوقت الذي يستهلك في الرحلات اليومية والأضرار البيئية وحوادث السير، بالإضافة الى التكاليف الكبيرة على الاقتصاد واستيراد كثيف للسيارات والوقود. يقتصر النقل العامّ على عرض بدائي وغير منظمّ، من دون جداول زمنية أو محطات توقف ثابتة، فيؤدي الى فوضى هي مسؤولة عن جزء كبير من الاختناقات المروريّة وحوادث السير. يتوجب هنا تقسيم العمل وفق بعدين زمنيين: المدى الأطول والمدى الأقصر. تحدّد معايير إعادة توزيع المداخيل وإعادة توزيع الكلف، بالإضافة الى إعادة توزيع "كمية النقل" عبر زيادتها على مستوى ربط الأقطاب (محور مباشر بين المدن: طرابلس - بيروت - النبطية وبيروت - زحلة - بعلبك) وخفضهما من كلّ من الأقطاب (ضمن بيروت الفعليّة). يتمّ إنشاء شبكة نقل مشترك على مسارب مخصّصة ضمن نطاق تحده بلدات طبرجا، بيت مري، الدوحة، عرمون، والدامور وتتمّ استعادة الأوتوسترادات لوظائفها وطاقاتها المرورية وفصلها عن المباني والمحلات التجارية وتخفيض التكلفة الاقتصادية الإجمالية للتنقل عبر إحداث تحوّل حاسم في الوسائط المستخدمة.
إقرأ المزيد
لن يتمكن لبنان من مواجهة التحولات السياسيّة والاقتصاديّة لوحده وبسرعة، لكن يمكن العمل على مقاييس قد ينتج تفاعلها تأثيرات مضاعفة. على الصعيد الوطني، يمكن اعتماد إدارة عقلانية للاستثمارات في البنية التحتية ولكلف تشغيلها ونوعيّة خدماتها وتعزيز التخصص والأداء في الأنشطة الاقتصادية (صناعة، تعليم، صحة..) التي ستزيد من حركة الركّاب والبضائع من والى لبنان، بالإضافة إلى تنظيم علاقات مع الهجرة اللّبنانية في مجالات التعليم والتجارة. أما على الصعيد الإقليمي، يجب أن يسعى لبنان الى تعزيز مربع بيروت- دمشق- حمص- طرابلس وتقوية محور بيروت- دمشق- بغداد وصولاً من جهة أولى الى طهران ومن جهة ثانية الى الكويت، بالإضافة الى السعي لتطوير العلاقات مع مصر والحفاظ على الخطوط البحرية مع دول البحر المتوسط وتطويرها.

تعرفوا أكثر‎ علينا

مواقفنا +

مواضيع جارية

تعتبر حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" أن التدقيق الجنائي هو مناورة لا أكثر، تهدفُ إلى هدر الوقت وتصفية الحسابات في حين أن المجتمع مهددٌ ببقائه…
إقرأ المزيد
ترفض حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" اعتماد العقوبات على أية دولة كوسيلة من وسائل التعامل بين الدول. فالعقوبات التجارية والمالية على الدولة ليست سوى حصار على شعوبها...
إقرأ المزيد
تعتبر حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" أنّ المبادرة الفرنسية تهدف أساساً إلى ترميم النظام الطائفي وإطالة أمده، كما فعلتْ عبر مؤتمرات باريس 1 و2 و3 وآخرها مؤتمر سيدر...
إقرأ المزيد
حكومات "الوحدة الوطنية" في لبنان ليست حكومات بالمعنى المألوف للكلمة، بل هي محطات استراحة، أو هدنة، بين جولتين من التوترات الإقليمية، يسعى خلالها كل من زعماء الطوائف للتوفيق بين ارتهاناته أو رهاناته الإقليمية وحرصه على استبقاء النظام وتكييفه من دون الانزلاق إلى العنف على الساحة الداخلية، وهذا ما يسمى تحديداً "النأي بالنفس"...
إقرأ المزيد
تعتبر حركة "مواطنون ومواطنات في دولة" بأن حكومة حسان الدياب مجرد واجهة لسلطة الأمر الواقع، أي سلطة زعماء الطوائف، الساقطة إجرائيا. الهدف من وراء تألفيها كان استيعاب الغضب الشعبي وهدر الوقت بانتظار تسويات خارجية...
إقرأ المزيد
يعرف الجميع أن التحقيقات لن تؤدي إلى نتيجة، وقد بينت بمجرياتها المرتبكة وبالحجج التي قدمت لصدها، أنها لا تحاكي حجم الجريمة. لا ثقة بأركان سلطة الأمر الواقع للتحقيق بالمسؤوليّات الفعلية، ولا بمعارضيهم من داخل المنظومة الذين يدعون لـ«تحقيق دولي» وهمهم فتح الطريق واسعة للتدخّلات الخارجية لا ثقة بهم جميعا لأي شيء...
إقرأ المزيد

مواضيع انقسامية

عداء لبنان للمشروع الصهيوني ليس إيديولوجيا ولا لفظيا، وليس مقتصرا على مساحة محتلة من الأرض، قد تسوى، أو على رفض الظلم الإجرامي الذي ألحقه بالشعب الفلسطيني، الذي قد يرضخ بعض ممثليه للقهر فيسلموا به، بل هو ينبع من كونه، كمشروع سياسي في الأساس، يعارض الشرعية المدنية للدولة التي وحدها تستطيع تأطير مصالح مجتمعنا. المشروع الصهيوني يتعامل مع المجتمعات عموما بوصفها طوائف وشبكات سلطوية، ويتعامل مع منطقتنا بوصفها ممرات استراتيجية ونفطا، ويثابر على دك الشرعية الداخلية للأنظمة، ولا سيما التحديثية الوطنية، وعلى تعزيز العصبيات العنصرية فيها، وهو يفعل ذلك حتى في المجتمعات الغربية وصولا إلى رفع منسوب القلق ضمن المجموعات اليهودية فيها، وعلى ابتزاز الانظمة ومصالح حكامها. عداء لبنان، كدولة، أي كمشروع سياسي، للمشروع الصهيوني هو بالتالي عداء أصيل وعقلاني...
إقرأ المزيد
السلطة في لبنان، في واقعها، فدرالية، لا بل كونفدرالية، أقله منذ سنة 2005، ولكنها سلطة من دون دولة، ما خلا الشكليات. والكونفدراليات ليست، أو بالأحرى لم تعد، موجودة في الواقع اليوم (ما عدا الاتجاه المتردد لتحول "الاتحاد الأوروبي" إلى صيغة كونفدرالية) على خلاف الصيغ الفدرالية القائمة في دول عديدة. يجدر التنبه إلى أن كلمة "ميثاقية" هي الترجمة الحرفية لكلمتي فدرالية وكونفدرالية ، فأصلهما اللاتيني (fœdus, fœderis) يعني الميثاق، أي اتفاق كيانات قائمة بذاتها على إقامة صيغة سياسية مشتركة. والفرق بين الفدرالية والكونفدرالية أن "مكونات" الأولى لا تتمتع بالسيادة ضمن الصيغة السياسية المشتركة، بل تستمد مسؤولياتها وصلاحياتها من دستور الدولة، بينما تتمتع "مكونات" الثانية بالسيادة. و"المكونات الطائفية اللبنانية" تجاهر، بدءا من تسميتها هذه، بأسبقيتها على الصيغة السياسية المشتركة، وهي لا تتورع حتى عن ادعاء سيادتها، لما تشعر أن في ذلك منفعة، لا سيما في تعاملها المتفلت مع الخارج. فما معنى المطالبة بالفدرالية في لبنان إذاً؟...
إقرأ المزيد
الحياد غير متاح أصلا إلا بوجود دولة قوية ومقتدرة. وطرحه في لبنان يأتي بتقديمه بديلا عن وجود دولة قوية أو مدخلا مشكوكا بجدواه لترميم دولة هزيلة. هذا كمنطلق، يأتي من ثم شرط الالتزام الفعلي لكل الدول، الكبرى والمجاورة، بحياده. والشرطان غير متوافرين. علما أن البديل عن الحياد ليس أبدا الدخول المتهور في النزاعات...
إقرأ المزيد
نحن نعتبر أن الكفاءة القتالية العالية، وليس السلاح الذي هو بضاعة تباع وتشترى، التي راكمها لبنانيون ولبنانيات في المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، وأبرز عناوين هذه المقاومة هو “حزب الله”، تشكل رصيدا كبيرا للبنان ولا يجوز التفريط بها ولا المساومة عليها، والنقاش فيها يجب أن يتمحور منذ اليوم الأول حول انتقالها، مع الحفاظ على فعاليتها، من مقاومة “طائفة” إلى منظومة وطنية، عسكرية طبعاً، ولكن أيضاً اجتماعية واقتصادية، تتوزع أعباؤها على الجميع كما يعود نفعها على الجميع...
إقرأ المزيد
ليست سوريا نظاما بل هي مجتمع، واختزال "الموقف" من سوريا بين من يؤيد "النظام" ومن يعارضه، علما أن من يسمَّون زعماء في لبنان تنقلوا مرارا وتكرارا من وضوح الولاء إلى وضوح العداء، لكنهم لم ينظروا يوما إلى سوريا إلا بوصفها نظاما، يستعينون به إن قوي لصالح حساباتهم الصغيرة، ويناهضونه إذا ضعف لحساباتهم الصغيرة أيضا، فهم كانوا وما زالوا عاجزين عن تصور أن هناك مجالا ومجتمعا واقعيا، في لبنان أصلا فكيف في سوريا، وأن السلطة، بسوء وبحسن تدبيرها، متشكلة في المجتمع وتؤثر فيه...
إقرأ المزيد
فاجأت تظاهرات 17 تشرين اﻷول 2019 الجميع، باستثناء المصارف التي قررت في اليوم عينه أن تتوقف عن الدفع. السياسيون وعامة الناس، بمن فيهم المتظاهرون، لم يستطيعوا تقييم الأحداث. خرج الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء بورقة إصلاح هزلية للغاية لم يكن لها أي وقع في الشوارع والساحات. فيما يتعلق بالتموضع، قدّر بعض أطراف السلطة أن من مصلحتهم التموضع استباقا لما بعد الأزمة، بعدما أدركوا وقعها السياسي على الناس، وإن لم يدركوا أبعادها، فتحولوا إلى "معارضين". في 29 تشرين الأول، أعلن سعد الحريري استقالة حكومته، على الرغم من الضغوط التي مارسها حزب الله وحركة أمل، لا بل من توسلهما بقاءه. آخرون رأوا في الانتفاضة الشعبية مؤامرة من الخارج وسببا، لا نتيجة، للأزمة الاقتصادية، فقرروا المواجهة. سعوا إلى إخافة المتظاهرين بأعمال عنف منظمة ومدروسة بدقة. وراحوا يبحثون عن وسيلة للاحتواء. قرروا أن يحكموا لوحدهم، ولكن من دون أن يسفروا عن وجوههم. بعد التواصل مع عدة «وجوه من السنّة»، وقع الاختيار على حسان دياب لتأليف حكومة الواجهة، ممن يسمون «تكنوقراط»...
إقرأ المزيد

في نقد الخطاب السائد

لا يمكن أن يكون انتقال السلطة الّا سلميّا في مجتمعنا وذلك بسبب المخاطر الداخلية والخارجية التي سنواجهها إذا انزلقنا الى البديل العنفي. فنحن كلبنانيين ولبنانيات في هذه المنطقة ندرك تماما سهولة الانجرار الى الحرب وكلفتها الباهظة، لأننا اختبرنا الحرب المدمرة قبل مجتمعات المنطقة بعقود. ونعي أيضا أن العنف الأهلي والمواجهات المسلّحة ستسهّل على القوى الخارجية اختراق مجتمعنا ونخره وتدميره، لذلك نرفض هذا الخيار بالرغم من ادراكنا صعوبة التعامل مع السلطة الحالية بالطرق السلمية.
نحن كمواطنين ومواطنات في دولة نرى بأن المشكلة ليست بالأشخاص أنفسهم انّما بالمنظومة الطائفية التي أنتجتهم وتحدد أدوارهم حتى في نظرتهم لأنفسهم. فالزعماء هم من يسمّون النواب وينصبون الوزراء ويعينون القضاة عبر المحاصصة و"التوازن" الطائفيين. وبالتالي لن نطالب المنظومة العاجزة أن تعطي استقلالية للقضاة الذين تعيّنهم. نحن ورغم طموحنا بالوصول الى سلطة قضائية أكثر استقلالية نعي أنّ هذا لن يحدث ما لم يتم تغيير أسس النظام وارساء دولة واثقة من شرعيتها يمكنها العمل على تكريس هذه الاستقلالية ويمكن مطالبتها بذلك.
الانتخابات النيابية المبكرة لن تؤمّن الانتقال المرتجى خلال هذه المرحلة. تقوم الانتخابات على توزيع المقاعد بين أقلية وأكثرية إنما ضمن المنظومة التي نعيش تحت وطأتها منذ عقود، في حين يتوجب على المعارضة الحقيقية التركيز على الانتقال الى شكل آخر للسلطة، قوامها دولة مدنية قادرة وعادلة...
إقرأ المزيد
نحن نعي أنّ السلطة الحالية مسؤولة عن الهدر الذي حصل خلال العقود الماضية، ونعلم أيضا أنّ بعض الفئات استفادت أكثر من فئات أخرى، الّا أننا لا نؤمن بطرح أي مطلب أو اصلاح في ظلّ المنظومة نفسها ولا نعوّل على مسرحياتها في اقرار قوانين لاستعادة الأموال المنهوبة.
إقرأ المزيد

في هيكليّتنا و تنظيمنا +

في آب 2015، حصلت تظاهرات شعبية نتيجة لأزمة النفايات، وبدأت تتجلّى على إثرها تشكّل مجموعات معارضة. أُربٍكت السلطة في البداية ولكنها نجحت في احتواء التظاهرات في نهاية المطاف لعدم تمكّن المعارضة في حينها من الالتقاء على مشروع سياسي موحد لمواجهة فشل السلطة...
إقرأ المزيد
التمويل الذاتي للحركة من أهم عناصر عملها بحرية وقدرتها على التعامل مع الواقع من دون الخضوع لرغبات أي جهة أخرى. لذلك، لا تكتمل عضوية المنتسب في الحزب الى أن يصرّح عن دخله وثروته الصافية للأمين العام الذي بدوره يحتسب قيمة الاشتراك وهو:
إقرأ المزيد
تقوم الحركة على الفكر النقدي وتعتبر أن التنظيم هو الوسيلة في خدمة الهدف العام. لذلك اختارت التنظيم المركزي، اي أن الأمانة العامة تتخذ القرارات المفصلية في توجيه الحركة، والهدف الفاعلية...
إقرأ المزيد