العقوبات الخارجية

ترفض حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” اعتماد العقوبات على أية دولة كوسيلة من وسائل التعامل بين الدول. فالعقوبات التجارية والمالية على الدولة ليست سوى حصار على شعوبها.

الزعم بأنها تؤدّي إلى معاقبة الحكّام وإخضاع الأنظمة أو تأليب السكّان ضدهم تدحضه كل الوقائع في العالم، وفي منطقتنا بالأخص بعد ما شهدته من تجارب مؤلمة تكرارًا. ما تؤدّي إليه تلك العقوبات فعليًا، وبمعزل عن طبائع الأنظمة التي تدّعي العقوبات إصابتها، هو التضييق على حياة السكّان وتشجيع المهرّبين والمحتكرين، ودفع من يستطيع إلى مغادرة البلاد، وتعزيز شرعية السلطات القائمة كونها تصبح في موقع الدفاع ضد خارج معتدٍ على أهل البلد. في المحصلة يتمّ تشويه المجتمع وإصابة بنيته الأساسية، البشرية والمعنوية، إصابات بليغة ومديدة الوقع والتأثير.

غالبًا ما يختلف هدف العقوبات، مثلها مثل أشكال العنف الأخرى، عن الروايات التي تغلِّفها. والأدلة على ذلك عديدة. فالدول التي تفرض عقوبات غالبًا ما تفرضها على دول تكون قد دعمت أنظمتها لفترات طويلة، وخير مثال على ذلك الولايات المتّحدة الأميركية في تعاملها مع العراق ومع سوريا ومع باناما وغيرها، ما يبدِّد كل مزاعم الدوافع الأخلاقية وراء العقوبات. الغاية من العقوبات في الكثير من الأحيان إرغام “حلفاء” تمردوا على مرجعيتهم على العودة للسير في ركبها. وفي كل الحالات تُستخدم الشعوب، قبل حكّامها، أدوات مسترخصة لتحقيق مكاسب لا علاقة لها بالدولة المستهدفة 

العقوبات التجارية والمالية وسيلة خبيثة، وهي لا تنمّ عن فائض قوة الدولة التي تبادر إليها وعن تفوّقها على الدولة التي تعاقبها، لأن ميزان القوى التلقائي لا يخفى إلّا على الأغبياء. بل هي تشي بحاجة الدول التي تبادر إلى فرض العقوبات لحشر “الحلفاء” والاستقواء عليهم قبل الاستقواء بهم، للتغطية على تراجع قدراتها وشرعيّتها السياسية نسبة إلى منافسين مُستجدّين، مستفيدة من خبث “المستحلَفين” وارتباكهم السياسي. العقوبات التجارية والمالية هي أخذ الشعوب والمجتمعات رهائن للتغطية على الفشل السياسي، سواء لدى المبادر إليها، أو لدى السائر بركبه أو حتى، في أحيان كثيرة، لدى القيادة التي تستهدفها تلك العقوبات.