لا، ليست الأزمة قدرًا ولا هي نهاية التاريخ، بل هي، على قساوتها، فرصةٌ لتأسيس مجتمع متماسك واقتصاد سويّ. المواجهة دقيقة وتتطلب تضحيات، لكنها مجدية ومجزية، أما تفويت الفرصة والتلهي عن أسباب الانهيار فهما مشاركة بالجرم. الأداء بائس، أيا كان الممثلون، النجوم الحاليون أو الطامحون للنجومية، على السواء، والمطلوب تغيير الأدوار والنص والمسرح، رأفة بالجمهور، كي يبقى جمهور، وليأتِ حينها إلى الخشبة من يرغب تمثيل هموم الناس ومن يقدر ويجرؤ على تحمّل أعبائه ومخاطره.

الريبة هي من أن المسعى هو لاستعادة تجربة 1992 عندما تم الإعلان عن وقف دعم سعر الليرة، وما كان ذلك إلا إيذانًا لانتخابات أتت بأولى حكومات الترويكا برئاسة رفيق الحريري على أنها الإنقاذ.
كل ما حصل كان يمكن تفاديه، وكل ما يحصل ما زال تفاديه ممكنًا.
كل ما بين لبنان الذي نراه وذاك الذي نستحق، أطراف سلطة لم يتوانَ أعضاؤها عن سفك دماء الناس بالحرب للحفاظ على نفوذهم، ولا يتوانون اليوم عن مسح مجتمعٍ بأمه وأبيه للغاية نفسها.

عوض أن نشهد محاسبة سياسية للأشهر الضائعة وللسياسات المالية القبيحة والمدمرة وللأموال المهدورة في بازارات المحاصصة في تأليف الحكومة،
وعوض أن نشهد محاسبة قضائية على جريمة تفجير المرفأ،
نرى الزعماء لا يكتفون باختراع الحيل لعدم رفع الحصانات الشكليّة لحماية أتباعهم من أي محاسبة، بل ها هم يدعوننا الى فصل جديد من الجريمة المستمرة بحق أرواح وأموال المجتمع أجمع بالاتجاه الى تسمية نجيب ميقاتي لتأليف حكومة جديدة.

لأن أهالي الضحايا هم أولياء الدم وهم الصف الأول في هذه القضية التي أصابت المجتمع برمته، سنكون كحركة مواطنون ومواطنات في دولة، في 4 آب ٢٠٢١، حيث سيكون أهالي ضحايا انفجار المرفأ، مواساة لجراحهم ودعماً لقضيتهم، قضية رفع الحصانات، كل الحصانات، التي تبدأ بالحصانات السياسية والأمنية ولا تنتهي بالحصانات الدينية، والتي لا نتيجة لها غير تأمين غطاء لما سبق، وللقادم من المآسي والدماء ولمزيد من الدموع.