المُواجهة واجبة تجاه ابتزاز الحلقة الماليّة للمجتمع

بدأت المواقف الرّافضة لخطّة التّعافي الحكوميّة المُسرّبة تَنهال الواحدَ تلوَ الآخر، فكان آخرها رفض الهيئات الاقتصادية للخطّة يوم أمس السبت بسبب شطبها “جزءًا كبيرًا من الودائع وتحميل خسائر الدولة للمودعين”. وأمّا الموقف الأكثر بروزًا فهو إعلان جمعيّة المصارف يوم السبت المنصرم عن اعتراضِها على خطّة التعافي الحكومية بحجّة أنها تُحمّل المصارف والمودعين الجزء الأكبر من الخسائر. وقد تزامن هذا الإعلان مع وُرود خبر توجُّه جمعيّة المصارف، وبكل وقاحة، الى رفع دعاوى قضائيّة ضدّ الدّولة والمصرف المركزي تُطالبهما بما عليهما من مستحقّات ماليّة.
اللّافت هو أن هذه الأموال أقدمَ أصحاب المصارف على إدانتها للدولة والمصرف المركزي بملء إرادتهم وبالرغم من تيقّنهم بحتميّة الإفلاس، ضاربين عرض الحائط بمسؤوليتهم الائتمانية اتّجاه المودعين، أشخاصًا طبيعيّين كانوا أم معنويّين.
إنّ الحلقة المالية، وبالرغم من حيازتها على حكومةٍ تُمثّل مصالحها بالدّرجة الأولى، ترفُض أيّ توزيعٍ للخسائر قد يطالها، وهي لن تقبل بأقل من مُصادرة أصول الدّولة – من أراضٍ ومرافئ وشركاتٍ وذهب – أي الذخيرة الأخيرة المتبقّية لاستنهاض المجتمع وإعادة تأسيس لاقتصاد ودولة في لبنان.
أمام هذا الفُجور الذي عهِدناه من الحلقة الماليّة، وإصرارها على تصفية المجتمع واتّخاذ المودعين رهائن حفاظًا على مصالحها، فإنّنا نكرّر أن لا سبيل لعبور الأزمة إلّا عبر المواجهة من أجل فرض توزيع عادل وهادف للخسائر يُحمّل أصحاب المصارف ثمن إساءتهم للأمانة، ومن أموالهم وثرواتهم. إنّ توزيع الخسائر ينطوي أيضًا على إعادة هيكلة المصارف على نحوٍ يتماشى ومتطلّبات الاقتصاد والمجتمع في لبنان، ويتطلّب تغييرًا في إدارتها ونمط عملها قبل البدء بأيّ مُفاوضات مع الدّائنين للجم أي مسعى من قبل أصحاب المصارف وشركائهم لابتزاز الدولة والمجتمع. فهذا من شأنه أن يحمي المُجتمع عبر إرساء منطق الحقوق، وانطلاقًا من فرض التّغطية الصّحية الشّاملة والتّعليم الأساسي المجّاني.