الانتقال وكيفية حصوله

أما حول الانتقال وكيفية حصوله، نقول أولا إن الانتقال يجب أن يكون سلميا، لأننا نعرف ما في هذا البلد وحوله. ماذا يعني هذا القول؟

يعني أن سلطة الأمر الواقع التي تعطّلت إجرائياً ما زالت مُمسكة بأجزاء كبيرة من مجتمعنا. الضغط عليها يجب أن يستمر، وهو مستمر بحكم تدحرج الإفلاس، الضغط بالحشر وبالتظاهر والوقائع، إنما الضغط أيضا بوضوح الطرح السياسي البديل، يضع كلّ واحد من قياداتها، خمسة أو ستة أو سبعة، أمام مسؤولياته التاريخية، ويرسم أمامهم خيارا بين اثنين، بعدما يزول خيارهم الأفضل الواهم، أي استبقاء النظام الذي ألفوه: إما العنف والضياع وإما التفاوض على انتقال سلمي للسلطة لمرحلة انتقالية وفق صيغة سياسية محددة هي التي نطرحها في هذه الوثيقة.

نعرف كلّنا أوضاع بعضنا البعض، نحن جميعا أولاد هذا بلد، نعرف مسؤوليتنا ونتحملها، نقبل بإدارة الإرث اللعين، نريد الانتقال السلمي، أي التفاوض، إنما على شروط هذا الانتقال، نحدد خياراتنا الأساسية ونبنيها على الحاجات الواقعية التي لا تلتبس حيالها الأسباب والنتائج، وإن لم تكن مطابقة للصور المألوفة لنظام السلطة منذ عقود، ولكن مسؤولية كل واحد منهم كبيرة جدا اليوم، وهي تتظهر بسرعة مع سقوط مواقف الإنكار. السباق اليوم بين تيقنهم لهذه المسؤولية وبين تدهور الوقائع المالية والاجتماعية والأمنية.

ولكون حزب الله هو القوة الأكبر اليوم، ولكونه مستهدفا، نقول إننا نختلف مع حزب الله، بما هو حزب فاعل مشارك في السلطة، اختلافاً جذرياً في المقاربة السياسية الداخلية، ونرى أنه اليوم، إذ يتصدى بكل رصيده، وهو كبير، لحماية النظام السياسي المتهاوي، إنما يواجه ويمنع فرصة إنقاذ جدية للمجتمع. فهو الأقوى بين حلفائه، منه يستمدون قوتهم الانتخابية والسياسية، وإن كان صوتهم أعلى من صوته، ونختلف جذرياً مع هؤلاء الحلفاء كحركة أمل والتيار الوطني الحر. كما نختلف جذرياً أيضاً مع القوى التي تحاول مصادرة الشارع بعد أن قفزت من الحكومة بالاستقالة، ولكنها ما زالت في صلب السلطة السياسية من خلال موقعها الطائفي كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل.

كل من يرى أن المسؤولية اليوم عامة، وأن مآسينا ليست قدراً، وأن المبادرة واجبة، نحن مستعدون للنقاش معه في هذا المشروع السياسي وحوله، وهذه مسؤولية الأحزاب والشخصيات والقوى التي ترى أن مستقبل هذا المجتمع مهدد، ولكننا قادرون على المبادرة.

اضغط على الرسم للعودة إلى الفهرس