عن الانتخابات المبكرة
الانتخابات النيابية المبكرة لن تؤمّن الانتقال المرتجى خلال هذه المرحلة. تقوم الانتخابات على توزيع المقاعد بين أقلية وأكثرية إنما ضمن المنظومة التي نعيش تحت وطأتها منذ عقود، في حين يتوجب على المعارضة الحقيقية التركيز على الانتقال الى شكل آخر للسلطة، قوامها دولة مدنية قادرة وعادلة. من الضروري التأكيد على أن أي انتخابات هي، في الوقت نفسه، تأكيد على شرعية النظام السياسي وإمكانية تعديل في الفريق الذي يتولى المسؤولية ضمنه. يصبح للانتخابات معنى لما تكون شرعية الدولة راسخة، فتحدد الأطراف السياسية خيارات حقيقية بين سياسات إجرائية قطاعية واجتماعية واقتصادية، فيتفاعل معها الناخبون بحسب تقديرهم لمصالحهم. أما الانتخابات في ظل المنظومة الطائفية القائمة، فلا تعدو كونها قياسا “لأحجام” الزعامات ضمن كل طائفة وبين الطوائف، لذا تخلو كليا من أي طرح لسياسات عامة، وتقتصر على حشد الهويات والمتاجرة بالقلق، والحكومات هي نفسها، حكومات “الوحدة الوطنية”، ولا تجري السلطة انتخابات إلا بعد أن تتأكد من نتائجها.
قد تكون المشاركة في الانتخابات، على الرغم من ذلك، مبررة إذا حمل تحالف سياسي محدد مشروعا سياسيا بديلا واضحا، تظهيرا للتأييد الذي يلقاه هذا المشروع. لكن هذا المسار، على أهميته، يفترض توفر فسحة مديدة من الوقت كي يؤتي ثماره وهدر الوقت باتت كلفته باهظة أمام الانهيار الحاصل، والأهم أنه يستدعي وضوحا في الطرح السياسي ما زالت غالبية القوى التي تصنف نفسها معارضة غير مستعدة لحمله، عن تهيب حيال المسؤولية أو عن طموح للظهور وللمناصب.