صحّة الحسابات لا تكفي: المطلوب هو التدقيق!
«قد تكون حسابات منظمات المافيات صحيحة بين نفقاتها وإيراداتها وأرصدتها، لكن هذا لا يثبت شرعيتها». هذا المثال يقدّمه الوزير السابق شربل نحاس لمقاربة ملف الحسابات المالية. بالنسبة إليه، حتى الآن يجري التعامل مع إنجاز قطوعات الحسابات العائدة لنحو 26 سنة مضت على أنها تكشف عن مكامن الفساد والهدر، فيما هي ليست أكثر من عملية مطابقة محاسبية بين الإيرادات المحصلة والإنفاق الفعلي والرصيد، سواء أكان ديناً أم فائضاً. ضرورة إنجاز قطع الحساب تكمن في أنه شرط للوصول إلى مرحلة التدقيق، حيث يجري التثبت من شرعية الحسابات.
الكلّ يركّز على نتائج قطع الحساب العائدة لأكثر من 26 سنة مضت، باعتباره إنجازاً يكشف الكثير عن وجود اختلالات وأخطاء جوهرية في حسابات الدولة. منها يتفرّع الحديث عن قصّة الـ11 مليار دولار الشهيرة، ومنها يتفرّع الحديث عن هبات مفقودة، وعن قيود متكرّرة وعن سلفات غير مسدّدة… ثمة الكثير من هذه الأمور التي لا تكشف إلا عن جانب بسيط من الحقيقة. قعر الفساد لا يظهر إلا بعد التدقيق بالحسابات والتثبت من كل مستند وفاتورة واعتماد أنفقت من خلاله الحكومات المتعاقبة. قطع الحساب يكشف عن مطابقة بين النفقات والواردات، لكن من يحدّد شرعيتها وسلامتها؟ هذه المهمة ملقاة قانوناً على عاتق ديوان المحاسبة ومجلس النواب، فهل ستحاسب قوى السلطة نفسها؟
يميّز الوزير السابق شربل نحاس قطع الحساب عن التدقيق في الحسابات. مصدر هذا التمييز، أن قطع الحساب عملية مطابقة حسابية لأرقام الواردات والنفقات والأرصدة، فيما التدقيق في الحسابات يتعلق بمطابقة الإنفاق مع المستندات والوثائق والمستندات التي تثبت صحّته وسلامته. المشكلة أن الحديث كلّه يتركّز اليوم على نتائج قطع الحساب، فيما الأهمية الكبرى تكمن في تدقيق الحسابات، وصولاً إلى إصدار الحساب الختامي.