أين نصركم وأين غلبتكم
بيروت في 16/03/2020
لن يكون 16 آذار يوماً من الأيام المجيدة للقضاء العسكري. وفي ظل انشغال المواطنين والمواطنات بهمِّ حماية أنفسهم وعائلاتهم من وباء يتفشى، أتى تمرير إطلاق العميل عامر الفاخوري كوسمة عار على جبين من أصدر القرار وكل من لم يتصد له.
يعرف القاصي والداني ما تعرض له القضاء العسكري من ضغوطات، داخلياً وخارجياً، لإطلاق سراح مجرم سجن وعذّب لبنانيين ولبنانيات حتى الموت، بأمر من أسياده قوات الاحتلال الاسرائيلي في لبنان.
ما قام به سفاح الخيام يشكل جرائم ضد الإنسانية، لا يشملها أي مرور للزمن، لا في القانون اللبناني، ولا في العدالة الدولية، ولا حتى في قانون الولايات المتحدة الأميركية التي تتباهى بأن قانونها لا يعرف مرور الزمن على الجرائم الشنيعة، وأن قضاءها يحاسب كل من تطاول على أميركي ما دام المجرم حياً يرزق.
وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية التي لجأ اليها جزار المعتقل فخورةً بأنها أعطت جنسيتها الى هكذا مجرم، فهنيئاً لها به. غير أن هذا السفاح يبقى في لبنان مواطناً لبنانياً، خاضعاً للمحاسبة والمساءلة عما اقترفته يداه الملوثتان بدم أبناء شعبه، وما خطط له عقله النجس.
إن الحؤول دون فرار العميل عامر الفاخوري مجدداً أضحت من مسؤولية السلطة القائمة، والتي تدعي استقلاليتها عن القوى التي سامت في البلد فساداً منذ ثلاثين سنة. فإما أن تبرهن السلطة عن جدية في التعاطي مع حدث بمستوى تاريخ لبنان المعاصر، وإما تكون قد كرّست سقوطها كما سقط مع الأسف الشديد القضاء العسكري عند مفصل عامر الفاخوري.
سفاح الخيام، إن فرّ مجدداً، يكون الدليل، لمن يحتاج أدلة إضافية، على سقوط منظومة سلطة أمراء الطوائف الفاشلة والعاجزة عن القيام ببديهيات مسؤولياتها، ناهيك عن مواجهة الضغوط الخارجية.
من المعيب أن يكتب التاريخ أنه، وفي عهد حكومة استمدت شرعيتها من الثقة التي أعطاها إياها حزب الله وحلفاؤه، خرج مجرم كعامر الفاخوري مرفوع الرأس وكأنه يقول لعوائل من قتل وبمن نكل ومن سجن وعذب : جئت الى عقر داركم ولم تتمكنوا أن تنالوا مني، فأين نصركم وأين غلبتكم ؟