كل حججهم صحيحة، و لكن…

بيان صادر عن حركة مواطنون ومواطنات في دولة:

‏”كل حججهم صحيحة، ولكن…”

‏في الظاهر:
‏الحديث الدائر اليوم، والخوف البادي على الجميع، والأطروحات المتقابلة بين مدّعي الإنجازات والإصلاحات من هنا والمناورات التسويفية والدعوات للصبر من هناك، والحجج المتبادلة والمتقاذفة التي تتحدّر جميعها من تأويلات السيادة والميثاقية، كل هذا يحمل دلالة واضحة وجامعة وعابرة للأطراف جميعها: الأسر الجماعي ضمن نظام بائد في لحظة يعتبرونها نهاية عالم.
‏لا ليست نهاية العالم. ثنائية الفريقين تتكامل ضمن عجز كامل، والعجز في هذه الظروف يهدد مجتمعنا. هناك خيار مختلف عن تعاضدهم الزائف.

‏في الأساس:
‏السياسة قرار ومخاطرة ودراية وليست أدوارًا وخطابات، والمقاومة أداة وليست كيانًا، والدولة هي أيضًا أداة والدستور كذلك.
‏▪ المقاومة رد على عدو وإنما تحديدًا رد على انهزام ارتضاه نظام قائم، وأن تنتهي جزءا من هذا النظام هو تبديد للتضحيات.
‏▪ والدولة أداة لداخل مقابل خارج، كل الخارج، الحليف والمحايد والخصم والعدو. حشد الموارد وترتيب الشرعية علة وجودها ومبرر دستورها.
‏الأدوات، من مقاومة ودولة، تخدم غايات تتحدد إنما في ظروف متغيرة.

‏في الموقف:
‏لبنان في خطر، والخيارات واجبة وهي ممكنة:
‏▪ المشروع الصهيوني تهديد واقعي ومواجهته خيار واجب، البديل عنها تبدد المجتمع. فهو يتمدد في الإقليم كله، يقتل ويهجر ويجوع في فلسطين ويدمر ويقسّم ويفتّت في سوريا. وهو يستخدم الطوائف وميثاقياتها لتفكيك المجتمعات، بدأها في الحرب الأهلية في لبنان، وهو يطبقها في سوريا. أنرتضي أن نستعمل أدوات العدو في الدفاع عن المجتمع؟
‏▪ لبنان سبّاق بتجاربه، في إقليم ممزق وضائع، فقد خبر الحرب وتسوياتها وتعطل هذه التسويات أربعين أو خمسين سنة قبل العراق وقبل سوريا،
‏▪ الأداة لمواجهة الإفلاس والهجرات وإعادة ترتيب الإقليم بالدم وبالانهزام هي دولة، والدولة في لبنان، بحكم واقعه الموروث، لا يمكن أن تكون لا عسكرية ولا دينية، فتكون مدنية أو لا تكون،
‏▪ تنظيم الهجرات لسرقة الودائع والتسول يمينا ويسارا هي بالذات التي أوصلت مجتمعنا الى عجز عن التعامل مع تبعات الترتيبات الإقليمية،
‏▪ اتفاق الطائف هدف إلى إنهاء الحرب وتولي جيل الحرب السلطة برعاية إقليمية، بدل البورجوازية والوجهاء، أي من غالبية الموقعين عليه وعلى تنحيهم، وقد أدى دوره، فشكرًا،
‏▪ الطوائف بديل عن الدولة ونقيض لقدرتها ولشرعيتها الإجرائية، الدولة تحمي الطوائف كواقع موروث، ولا تتكوّن منها.

‏في الطرح التنفيذي:
‏الموقف السياسي، المسؤول، لا يكون بالاصطفاف ضمن الأسر المستحكم بفريقين عاجزين عن التعامل مع وقائع مستجدة وواقع متغيّر، وهو أسر عابر للطوائف والخطابات ووسائل الإعلام والتحليلات، بل يكون بالتعامل مع المسارات التي تحكم هذا الواقع ووسائل حرفها وتغييرها.
‏الانتصارات تدار والهزائم تدار، والخسائر تضحيات ثمينة، والموارد، كلها، البشرية والمادية والتقنية والمؤسسية والمالية، تصان بالتعامل الواقعي، وبالتالي، تكون ترجمة الموقف بالإجراءات التالية:
‏▪ تعداد للمقيمين جميعًا والمغتربين، لمعرفة الواقع الفعلي للأوضاع الأسرية والعمرية والصحية والتعليمية، ولتحديد الإقامة الفعلية والوضع القانوني لكل فرد وما يستتبع ذلك من نتائج تطبيقية،
‏▪ خدمة مدنية وعسكرية للجميع، وجمع كل المقدرات المتوافرة والمتاحة تمكينًا للدولة من حماية المجتمع ومواجهة التهديدات التي تستهدفه،
‏▪ نظام مالي فاعل لتشغيل الموارد، البشرية والمؤسسية والإنتاجية، وليس لتمويل الاستهلاك عبر تنظيم هجرة اللبنانيين،
‏▪ ونظام تمثيل سياسي يكون الانتماء وفقه إلى طائفة هو الاستثناء ومسألة خيارات فردية، وحيث تحمي الدولة المنتمين إلى طوائف من بعضهم لا بل من أنفسهم،
‏▪ تعميم الخدمات الأساسية لتعزيز شرعية الدولة، في التعليم والصحة وغيرهما، واعتماد نظام ضريبي لا يرفع الكلف والأسعار المحلية فيعطل الاستثمار والإنتاج ويدفع إلى الهجرة والاستدانة والتسول،
‏▪ مواجهة كل الأطروحات التفتيتية، من عنصرية ودينية وقبلية، وتولي طرح البدائل السياسية، أي الشرعية المدنية للدولة، انطلاقًا من لبنان، على صعيد الإقليم، في سوريا الممزقة وطبعًا في فلسطين.

‏من يرغب، والأهم، من يجرؤ، مدعو للتلاقي والعمل لإنهاء أسر الأدوار والمخاوف والارتهانات والانتقال إلى تثمير التجارب والتضحيات ولحشد الموارد كلها في مشروع يجمع لبنان ويسعف الإقليم.