انتهت المسرحية
مقال ل بترا سماحة، عضو في حركة مواطنون ومواطنات في دولة نشر في تاريخ ١١ آب ٢٠٢٠
نشر في جريدة الأخبار في تاريخ ١٩ آب ٢٠٢٠ على هذا الرابط.
أبادوا الأرض وفتكوا بشعبها لخمسة عقود، وكأن ذلك لم يكن كافياً.
وكأن المياه المسرطنة والهواء الملوّث، وتلال النفايات، والظلمة، والذل والتهجير والتفقير واليأس كلها ليست كافية.
وكأن الموت البطيء كان أبطأ ممّا يجب، فكانت الضربة القاضية، الجريمة الكبرى، آخر ما ارتكبته هذه المنظومة.
فلنكن واضحين. سوء الإدارة ليس صدفة، بل جريمة، والإهمال جريمة، لا يعفى عنهما بتقاذف المسؤوليات. اللا مسؤولية، وشغف السلطة والمال، والجهل والوقاحة خليط فتّاك، فكيف اذا استمرّ لعقود؟ لسنا بحاجة لأن نتخيّل، فها هي بيروت أمامنا في لحظة تفوق الخيال.
هجوم أم انفجار؟ لا يهم الآن. فبالحالتين لن يتمكنوا من غسل أيديهم من هذه الجريمة، من دماء أهلنا. إنّها مسؤوليتهم جميعاً.
يتابعون مسرحيتهم السخيفة، بتوعّد من هنا، اتّهام من هناك، ولجنة التحقيق ليست سوى فصل آخر من هذه المسرحية.
هذه الأزمات المتتالية تتطلب قيادة جريئة، ليست مرتهنة للنظام المأزوم الولّاد للأزمات، للكوارث، للجرائم. أَوَيحاسب نفسه؟
محكومون بهذه الأدوار، وسوف يحاولون لملمة صفوفهم والمتابعة، كأنّ شيئاً لم يكن.
في الحقيقة، حتى في التمثيل فاشلون. لم يحسنوا اصطناع لحظة تعاطف، لحظة قيادة، لحظة حقيقية ترقى الى حجم الكارثة، من رئيس جمهورية، إلى رئيس بلدية.
مجرمون، لكن واهنون. بعجزهم يكملون عملهم المسرحي الفاشل كالمعتاد. جلسوا سويةً على طاولةٍ يستمعون إلى شروط من قد يمنّ عليهم بالمساعدات.
وها هم يرسلون متعهّديهم المعتادين لكي يمسحوا لهم جريمتهم، ويواصلون التسوّل في الداخل الذي أفلسوه مالياً وبشرياً، وفي الخارج الذي عيّنهم في إفلاسهم الفكري. الخارج قال لهم: نظامكم انتهى.
لكن لا هُم، في بيئاتهم وشوارعهم ومجتمعاتهم المجزّءة، ولا الخارج باستعماره وبمساعداته سوف يبني الدولة التي نطمح لها حين نفكّر أو نسعى للهجرة. نحن صنّاعها، نحن نبنيها لأنفسنا. ماذا يخيفنا بعد؟ ماذا يوقفنا بعد؟ فمزاريب تنفيعاتهم جفّت، والأسوأ قد حصل.
إنّها نهاية المسرحية، لكنها ليست النهاية، ففي مجتمعنا المجروح الغاضب الثقة. فلنغضب ونعيد بناء مدينتنا ومعها نظاماً يليق بنا.