لمعت انتفاضة 17 تشرين كبارقة أمل وسط الظلام المحدق بنا ليس فقط في لبنان، بل في المنطقة بأسرها. بعد سلسلة حرائق امتدت في أحراج لبنان أصابت الناس بلوعة شديدة وأظهرت السلطة عجزها في التعامل مع الأزمات، خاصةً مع تقلّب سعر الصرف قبل 17 تشرين الأول 2019، شعر الناس بضعف السلطة التي أمامهم وبقلق كبير من بقائها فانقضّوا عليها. آلاف مؤلّفة من الناس نزلوا إلى الشوارع ليعبّروا عن القلق الذي يعيشونه والرفض لما وصلت إليه الحال، دون أن يكون لديهم رؤية أو وجهة واضحة يريدون تحقيقها. في الوقت نفسه حملت الانتفاضة التشرينية تشكيلة من الشعارات والهتافات والظواهر التي يجب الوقوف عندها لفهم دلالاتها ورمزيتها، كما تكثر التساؤلات اليوم عن المسار الذي اتخذته والمآل الذي وصلت إليه.

تحيي الشّعوب سنويّة ثوراتها وتحتفل بها عندما تكون قد نجحت في تغيير السّلطة. أمّا في حال فشلت، فعليها بنقد الذّات وتعلّم الدّروس. لكن، في لبنان، لا يزال يلجأ البعض إلى الرّومانسيّات الثّوريّة وإلى ذرائع أخلاقيّةٍ لاختلاق صورةٍ مختلفةٍ لمجتمعٍ أثبت في عدّة محطّات، أهمّها انتفاضة 17 تشرين، أنّه قبِل الرّشوة واعتاد عليها حتّى إشعارٍ آخر.

ماذا عن اتهامكم بتفشيل أيّ اتفاق؟ «نحن نحسب أنفسنا مُهمّين جدّاً، ولكن هل حزب عُمره 4 سنوات قادر على إفشال جهود قوى عُمرها عشرات السنوات؟ إذا كانت الحجّة صحيحة، فلماذا لم يتمكّنوا من إعلان قيادة من دوننا؟». ويرى الأمين أنّ «المسؤولية التي نتحمّلها هي عدم توصّلنا مع هذه القوى إلى قراءة سياسية عميقة للواقع الفعلي. لم يكن أحد مُستعداً لتحمّل مسؤولية طرح بديل للسلطة وفرض التفاوض لانتقال السلطة. هل هذا سهل؟ كلّا. مستحيل؟ لا شيء مُستحيل».

الأمر يتعلق بالدوافع لمبرر الفعل. لذلك نقول إن الدولة ستتعامل مع المواطنين والمقيمين غير اللبنانيين بغض النظر عن انتماءاتهم المجتمعية. لكنه سيتسامح مع اولئك الأفراد الذين يختارون بشكل فردي، وبشكل استثنائي، بأن تتم علاقتهم بالدولة بواسطة مؤسسة طائفية.

مقابلة لنور كلزي على قناة France 24 عربي

لن يتوقّف تدهور الخدمات الأساسية الناجم عن الإفلاس وشحّ الدولارات والتقشّف عند انقطاع التيار الكهربائي أو تراجع نوعية خدمة الخلوي أو تردّي الخدمات الصحّية والتعليم، بل سيطال أيضاً الخدمات العامّة والأساسية الأخرى، وأبرزها النقل، نتيجة ارتفاع سعر الدولار ومعها قطع غيار السيارات، واستمرار النزف في العملات الأجنبية وتراجع إمكانية تأمين المحروقات بطريقة مستدامة وبكمّيات كافية، فيصبح التنقّل في السيارات الخاصة مكلفاً جدّاً وربّما غير ممكن للبعض، في ظلّ عدم توافر نظام للنقل العام.