الكسي حداد: كي لا يبقى القلق مصيرنا

مقال لألكسي نشر على موقع إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني على هذا الرابط.

يزداد منسوب القلق عند الجميع مع انتشار وباء في العالم، والقلق اشد عند الاف الشباب والشابات المتواجدون في الخارج بعيدا عن اهلهم الذين فقدوا مدخراتهم ومداخيلهم فباتت مهدّدة او متوقّفة.

لم يكن احد مستعد لتفشي فيروس الكورونا، لهذه المعركة جنود مجهولون في العديد من البلدان وهم الطاقم الطبي. في لبنان ايضا  وتحديدا في المستشفيات الحكومية، واجه الطاقم الطبي ولازال يواجه بكل شجاعة ومهنية وباء الكورونا وساهم بان يكون لبنان افضل حال نسبيا من غيره.

فترة الحجر رغم مرورتها وصعوبتها خصوصًا على الطلّاب في الخارج هي مرحلة مؤقّتة، لذلك لا يجب أن تحيد نظرنا عن الازمة الاقتصادية ونتائجها التي ستدوم لعدّة سنوات؛ فالافلاس طال مصرف لبنان والمصرف المركزي وجميع المصارف وبالتالي الخسارة كبيرة تفوق فقدان الودائع وتطال جزء كبير من مداخيل الناس .

جزء كبير من الشباب والشابات سافروا كي يتعلموا في الخارج، فضحّى اهلهم بجزء من مداخليهم ومدخراتهم لهذا الغرض آملين أن يؤمّنوا مستقبلا لائقا لابنائهم. هذه التضحية اصبحت اليوم مستحيلة والعديد من الاهالي باتوا عاجزين عن تمويل دراسة ابنائهم في الخارج نتيجة عدم توفر الدولار. والنظام السياسي والاقتصادي المبني على تصديرهم مرّة أخرى بعد التخرّج للعمل في الخارج وتزويده بالدولارات تعطّل، وتركهم وأهلهم أمام تقاطع طرق.

إنّ السؤال الجوهري الّذي يُطرَح علينا جميعاً، لأنّ تلك المأساة تطال كلّ اللبنانيين واللبنانيّات وليس فقط على الطلاب في الخارج، هو: هل فعلًا نريد أن نلعب دور الضحيّة، فتقع علينا المصائب ويقتصر دورنا فقط على التذمّر وتوجيه أصابع الاتّهام، أو نريد السعي لتحويل التضحيات التّي نبذلها اليوم – على الرغم من صعوبتها – إلى جزءٍ بنّاء من مستقبلٍ أفضل لنا ولأولادنا بعدنا؟

بالطبع علينا تحويل الخسائر الى تضحيات.

فبين كلمة “ضحيّة” وكلمة “تضحية”، هناك فارقٌ كبير؛ حتّى ولو أنّهما كلمتين مشتقّتين من المصدر نفسه. ف -“الضحية” تخضع لما يطالها من مصائب، ولا دور لها في إبداء رأيها أو تقرير مصيرها، أمّا “التضحية” فهي فعل إرادي يرسم لنا خارطة طريق نهايته واضحة، تدفعنا لاستثمار جهدنا ووقتنا ومالنا للوصول إلى الهدف المنشود.

نحن، في حركة ” مواطنون ومواطنات في دولة” ، يرتكز جوهر مشروعنا السياسي على هذا السؤال، ونرى أنّ عاموده الفقري هو بناء دولة فعليّة، أي دولة مدنيّة تضمّ كلّ المواطنين والمواطنات،  وقد أصدرنا منذ ٤ اشهر رؤية سياسيّة لمواجهة الأزمة الماليّة ونتائجها و بناء دولة فعليّة، دولة مدنيّة لنمنع شبح مسلسل الأزمات والمصائب من مرافقتنا وتهديد مصير ومستقبل مجتمعنا  .

إنّ الأزمات الصحيّة، والماليّة، والسياسيّة يمكنها أن تتسبّب بأضرار، ولكن من جهة أخرى يمكنها أن تشكّل فرصةً لتغيير مسار الضحايا، لمسار، يكون للتضحية فيه معنى وجدوى.

إنّ الشباب والشابات هم مستقبل المجتمع، ومصيرهم ومصيرنا جميعًا مرتبط ارتباط وثيق بالخيارات الّتي نقوم بها اليوم. نحن، في حركة مواطنون ومواطنات في دولة، خيارنا واضح، آملين أن نتعاون واياكم في هذا الخيار، حتّى نتحوّل من مجرّد ضحايا إلى بناة المستقبل فننهي بذلك ٣٠ عام من التهجير والمتجارة بالقلق.