كيف يمكن تحويل الأزمة إلى فرصة؟ تقريباً، لا أحد يريد طرح هذا السؤال ولا حتى الإجابة عنه. ربما يكون النقاش السائد بشأن وقف دعم استيراد السلع الأساسية هو المدخل الأنسب لنقاش من الوزن البنيوي. فالاحتياطات بالعملات الأجنبية التي يتذرّع مصرف لبنان بأنها أموال المودعين التي لا يجوز استعمالها في الدعم، قد يصبح استعمالها ذا جدوى اقتصاديّة حقيقيّة بهدف تمويل نظام نقل عام يمثّل بديلاً مستداماً عن دعم الجزء الأكبر من المحروقات.
لا شك أن التبدلات الاجتماعية والخطاب السياسي الذي ساد خارج حرم الجامعة، كان له التأثير الأكبر على خيار الطلاب، لذلك فإن نتائج الانتخابات الطلابية تعكس التغير الاجتماعي الناتج عن الأزمة الاقتصادية، وعن وضوح عجز قوى السلطة في حلّها. منذ 17 تشرين دأبت قوى الأمر الواقع على بثّ خطاب شبه وحيد، قوامه التحريض الطائفي والكراهية والتخوين، كما افتعلت التوترات الأمنية ذات الطابع الطائفي بشكل متكرر. من جهة أخرى فإن العطل الذي أصاب منظومة المصالح منذ سنوات قد ظهر تأثيره على الطلبة أوّلًا، نظرًا لأن الزبائنية المؤدية لاستزلامهم لم تلحقهم بعد، ولأن الفئة العمرية التي ينتمي إليها الطلاب أكثر اندفاعًا نحو التغيير. لكن هل يمكننا اعتبار هذا الفوز مؤشرًا كافيًا على التغيير الكبير؟ وهل يمكن البناء عليه للانتخابات النيابية إذا حصلت؟
شربل نحاس ضيف الحدث على قناة الجديد
Interview de Charbel Nahas sur France Culture. 16 Octobre 2020
عليه، فإنّ الطالب اللبناني اليوم، شاء أم أبى، أمامَ معركةٍ سياسيّةٍ حاسمةٍ على المستويين التعليمي والوطني. الاستسلامُ خيار، لكنّ المواجهة خيارٌ أيضًا، وعناوين المواجهةِ واضحة، فهل تتبنّاها الحملات الانتخابيّة الطلابيّة على تخوم الانتخابات القادمة؟
رغم قساوة وتسارع المعالم الآنيّة للأزمة الاقتصادية في لبنان، إلّا أنّ معظم آثارها على المدى المتوسّط والبعيد تبقى غير متجلّية. هذه الأزمة البنيويّة قلّ نظيرها في العالم وذلك لِجمعها أزمات عدّة، أهمّها عجز كبير ومتراكم في ميزان المدفوعات، ما عُبِّر عنه بـ”شحّ الدولار”.هذا الشحّ لم يأتِ نتيجة تغيّرات ظرفية – نقول مازحين – كهطول أمطار مفاجئة أثّرت سلبًا على تصديرنا للكاكاو بشكل استثنائيّ لهذا الموسم مثلاً، بل هي أزمة بنيويّة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنظام الاقتصاديّ، أتت متأخّرة بعد محاولات تأجيل عدّة لم يكن الهدف منها إلّا التأجيل نفسه، ما راكم وضخّم الخسائر. في ظلّ هذه الأزمة التي تهدّد المجتمع في عمقه، نحاول أن نستعرض واقع المرأة بشكلٍ خاصّ: كيف يؤثر نظام الاقتصاد الريعي على النساء وأعمالهن؟ لماذا تعدّ النساء من بين الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية الحالية؟ كيف حجّمت المنظومة الطائفية دور المرأة ومكانتها في المجتمع؟