اقتراح حركة مواطنون ومواطنات في دولة للنظام الانتخابي
خطر الحرب الاهلية ليس خطراً نظرياً. المنطقة تشتعل من حولنا بحروب عناوينها طائفية، وإن لم تصل الينا بعد، فلأن في الخارج من ليس له مصلحة بعد في وصولها. الوضع الاقتصادي على شفير هاوية، لا يسع الهندسات المالية سوى تأجيل انهياره، وبكلفة تبلغ مليارات الدولارات من المال العام.
القوى السياسية الطائفية القابضة على السلطة تتخبط في نقاشات حول قوانين الانتخاب وفي ذهنها آلة حاسبة تترجم المقترحات حصصاً لكل منها وكأن آراء الناس محسومة سلفا، وتعجز حتى عن ترتيب تحاصصها لحقوق الناس، فتعمق أزماتها الناتجة عن شح الاموال وعن قلقها من خصومها الطائفيين، مما يسعّر المخاطر.
الحاجة ماسةٌ لكسر القيد الطائفي الذي يخنق النظام السياسي اللبناني، وبالتالي للسماح للناس بالتعبير عن أنفسهم، وفتح أبواب بناء دولة مدنية ديموقراطية قادرة وعادلة، من دون إغفال واقع المشاعر والهواجس الطائفية الموجودة عند جزء لا يستهان به من الشعب اللبناني، والتي عززها مسار انهيار الدولة في العقود الاربعة الماضية.
من هذا المنطلق، تقترح حركة “مواطنون ومواطنات في دولة”، وبمناسبة نقاش قوانين الانتخابات التشريعية، نظاماً للانتخابات التشريعية كما يلي:
١- يعلن المرشح عند تقديم ترشيحه اختياره تمثيل الناخبين مباشرة او من خلال الواسطة الطائفية.
٢- الترشح خارج الواسطة الطائفية يعني حكماً بالنسبة للمرشح أنه يتحمل كل التبعات القانونية لهذا الخيار فيما يعني الاحوال الشخصية والوظائف العامة والحضور في الفضاء العام.
٣- يوم الاقتراع، يختار المقترع أن يقترع حسب نظام التمثيل المباشر من دون واسطة الطوائف، أو حسب نظام التمثيل الطائفي، ويختار المرشحين الذين يريد انتخابهم من بين المتنافسين في النظام التمثيلي الذي يختاره.
٤- عند الفرز، تحتسب نسبة المقترعين حسب نظام التمثيل المباشر الى مجمل عدد المقترعين، فتخصص النسبة نفسها من المقاعد في المجلس النيابي للفائزين من المرشحين الذين اختاروا التمثيل المباشر، وتوزّع باقي المقاعد على الفائزين من المرشحين الذين اختاروا التمثيل عبر الطوائف.
٥- نفضّل اعتماد لبنان دائرة واحدة والنظام النسبي لأنهما يدفعان باتجاه تعزيز الحياة السياسية الجدية وتركيزها حول الخيارات الفعلية المتصلة بمصالح الناس، غير أن دوائر أصغر (المحافظات) وأنظمة أخرى (النسبية مع عدد من الأصوات التفضيلية أو النظام الأكثري مع عدد من الأصوات للناخب الواحد) ممكنة أيضا ولا تتعارض مع طرحنا الذي يضمن التساوي بين المسيحيين والمسلمين، والنسب بين الطوائف، وكذلك التوزيع الجغرافي كما هو معمول به حالياً، حتى لو بلغت نسبة الاقتراع المباشر 80٪.
يشكل النظام الطائفي طوقاً حول عنق الحياة السياسية اللبنانية، وهذا الطوق يشتد يوماً بعد يوم، ولهذا السبب لحظ الدستور اللبناني منذ ١٩٢٦، وحتى آخر تعديلاته، الطبيعة المؤقتة لهذا النظام، ووصل حتى وصف “إلغاء الطائفية السياسية بالهدف الوطني الاساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية”. اقتراحنا هذا يشكل آلية عملية ومرحلية لتحقيق هذا الهدف، والشعب، أي مصدر السلطات جميعاً، هو من يقرر وتيرة المرحلية.
حدد الدستور أن “حرية الاعتقاد مطلقة” وأن اللبنانيين متساوون، هذه هي القاعدة. ونظر إلى الطوائف بوصفها واقعا اجتماعيا وسياسيا لا بد، للضرورة، من التعامل معها كاستثناء على القاعدة. غير أن الاستثناء يصبح إطاحة بالقاعدة إذا تخطى حدود الضرورة التي تبرره. النظام الانتخابي الذي نقترحه يسمح بقياس هذه الضرورة.
خبرنا الحرب الاهلية قبل غيرنا، واجبنا أن نتفادى عودتها، كما واجبنا ان نقدم خارطة طريق لبناء دولة فعلية تحتاجها دول المنطقة حولنا للخروج من حروبها.