بعدما عقدت بعثة صندوق النقد الدولي 14 اجتماعاً مع الفريق الحكومي اللبناني، صدر تصريحان رسميان مفادهما أنّ خطّة الحكومة تمثّل نقطة انطلاق جيدة للمفاوضات الجارية، وأنّ الانطباع الأولي لفريق صندوق النقد هو أن برنامج الإصلاح يقارب حجم المسائل من ضمن الفرضيات المعتمدة. بقيت الإشاعات حول استبدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تتداول حتّى تاريخ 12 حزيران 2020، لكن لم يطرح استبداله ضمن جدول الأعمال، في حين تولّى رئيس المجلس النيابيّ نبيه بري التصريح بعد اجتماع ضمّه ورئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسّان دياب في بعبدا عن ثلاث قرارات: أولاً تخفيض قيمة الدولار إزاء العملة اللبنانية وثانياً مخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، برعاية المجلس النيابي.، وبقاء رياض سلامة.

أحدث الواقع الفعليّ للانهيار الاقتصادي ديناميّة غضب عفويّةٍ، تلتها ديناميّة أمنية ثم ديناميّة مؤسسية، مع إعلان التخلف عن السداد وتحضيرا للتفاوض مع صندوق النقد الدولي

حيال هذه التحركات، نظّمت حركة “مواطنون ومواطنات في دولة”، مع 30 مجموعة سياسية، مسيرةً حول شعار واضح: “البديل موجود، حكومة انتقالية بصلاحيات تشريعية، ترسي شرعية الدولة المدنية”.

تتالت الأحداث، مع إعلان أمين عام حزب الله حسن نصر الله أنّ على لبنان التوجه شرقاً، وأدّت الى استقالة المستشار الأول لوزير المال.

قدّرت الحكومة الخسائر انطلاقاً من الميزانيات، فاختلفت تقديراتها بين الصيغ المتتالية للبرنامج واعتمدت الصيغة رقم 41 الرقم 83 مليار دولار فيما قلّصت الصيغة رقم 42 الرقم الى 63 مليار دولار! غير أن تقدير الحاجات التراكمية للتمويل الخارجيّ على سنوات البرنامج الخمس بقي ثابتاً عند المستوى نفسه (27-28 مليار دولار) مع توقّع الصيغة رقم 41 انزلاقاً تدريجياً لسعر الصرف من 3000 ليرة لبنانيّة للدولار الواحد الى 3500 ليرة بين عاميّ 2020 و2024 أما تقديرات الصيغة رقم 42 فكانت تتراوح بين 2500 ليرة و4300 ليرة لبنانيّة للدولار الواحد.

في ظلّ تخبط الحكومة، عمد حاكم مصرف لبنان إلى إصدار التعاميم، فارضاً مجموعةً من الإجراءات كانت كفيلة بإسقاط حكومات عدة في أي بلد سويّ. حوّل الودائع بالعملات الأجنبية الى اللّيرة اللبنانية واستحوذ على كل سيولة المصارف، كما استولى على التحويلات بالعملات الأجنبية الواردة من الخارج عبر شركات تحويل الأموال، فرض معدلات الفوائد الدائنة والمدينة، أعاد جدولة القروض للقطاع الخاص، أوجد عدة أسعار للصرف بحسب أنواع العمليات وفئات العملاء، وقام بإجراءات لضبط أسعار صرف العملات، معتمداً بذلك على اجتذاب دفق من الأموال من المغتربين. في وقتٍ لم تلتزم فيه المصارف الحياد، وفي حين استشعر المصرفيون خطر فقدان رساميلهم وملكية مؤسساتهم بعد أن عجزوا عن الالتزام بتعاميم مصرف لبنان، الذي ألزمهم بزيادة أموالهم الخاصة عبر ضخ أموال جديدة، أنتج مكتب الاستشاري جي-أس-أي خطة لجمعيّة المصارف بعنوان “مساهمة في خطة الإنعاش المالي للحكومة اللبنانية”. خلص هذا التقرير الى أنّه على الدولة اللّبنانيّة تسديد الخسائر الّتي سبّبت بتراكمها، كما اقترح التقرير تحويل الأملاك العامّة، المقدرة ب 40 مليار دولار، الى “صندوق تصفية الدين”، على أم يتولى هذا الصندوق إصدار سندات طويلة الأمد تستند الى موجوداته بمبلغٍ يساوي مجمل هذه الموجودات، فتقوم الدولة بتحويل فوائد تلك السندات إلى مصرف لبنان لقاء شطب دينه عليها.

تمكّن هذا النظّام الماليّ من الاستمرار واستفاد من مفعول منشّطات باريس 2. بالرغم من التوتر السياسي، ومفاعيل حرب تموز، والحرب في سوريا، استفاد النّظام من ارتفاع سعر النفط وتعاظم دفق الأموال التي ساهمت به الأزمة الماليّة العالميّة (عامّ 2008). لكن هذه المنظومة تعطّلت، في ظل بيد حكومة هزيلة عامّ 2015، وارتفعت المخاطر وأتت أزمة النفايات كإشارة تحذير، ليشهد عام 2016 محاولة ترميم أولى تم تنفيذها على ثلاث جبهات: على الصعيد المالي بتغطية خسائر المصارف وبالهندسات المالية بنحو 6 مليار دولار، على الصعيد الشعبي بمهرجان الانتخابات البلدية، وعلى الصعيد السياسي حيث تمّ إنجاز التسوية الرئاسية تحت مشورة الخارج..

رغم كل المحاولات لم تدم “الثقة”، فأُطلِقَت محاولة ترميم ثانية عام 2018. نظّمت فرنسا مؤتمر سيدر الذي وعد بجلب المليارات، في حين كان مصرف لبنان يكتتب بسندات يوروبوند ما يقارب 5.5 مليار دولار من أجل جلب الأموال من الخارج، مراهنا على نجاح مهرجان الانتخابات النيابية هذه المرة.

في تشرين الأول عام 2018 أطلقنا في حركة “مواطنون ومواطنات في دولة” تحذيراً من الإفلاس التامّ ودعونا زعماء الطوائف الى التفاوض على التوزيع العادل والهادف للخسائر بشكل استباقيّ لأنهم عاجزون وظيفياً عن إدارة الأزمة التي باتت محتومة.

مع تمسك الزعماء بأوهامهم وسعيهم لتخفيض العجز صورياً بشطب بند خدمة الدين الى حدود الصفر، مراهنين بذلك على معجزة من المصرف المركزي وباعتقادهم أنه من الذّكاء فرض ضريبة على خدمة الاتصالات عبر تطبيق الواتساب، فجاءت مظاهرات 17 تشرين الأول 2019 لتفاجىء الجميع باستثناء المصارف التي قررت في اليوم نفسه التوقّف عن الدفع.

حتّى اليوم، وبعد حصول الانهيار، لم تعتمد أية أيّ سياسات اقتصادية لا لتخفيف الآثار الاجتماعية للنمط الاقتصادي، قبل انهياره، ولا لمواكبة المرحلية الانتقاليّة التي افتتحها انهياره.

بقي النظام السياسيّ اللبنانيّ يسعى لتحصيل الدعم الخارجي في ظل غياب الدولة، يتحيّن زعماؤه الفرص وينقلون ولاءاتهم من طرفٍ الى آخر ويعيدون التموضع، وهم اليوم يسهرون على استبقاء النظام الذي يمثل مصلحتهم المشتركة. ما حصل في الطائف وفي الدوحة، وفي باريس 2 خير دليل على كيف استطاعت المنظومة التمديد لنفسها 17 عاماً. خلال هذه الأعوام السبعة عشر، ظهّر مصرف لبنان نفسه على أنّه قادرعلى التحكّم بالأدوات التي تحدّد سلوك اللاعبين المعنيين: المصرفيين وكبار المودعين. كما أنّ ما سمح بإطالة عمر هذه المنظومة أيضاً هو إعادة تشكل المصالح والتحالفات، فدخلت المصارف طوعاً، طمعاً في الربح، حتّى أنّ العديد من الأسر، وفي ظل غياب نظام تقاعدي أو شبكة أمان اجتماعية، باتت تعتمد على الفوائد من المصارف.

تراجعت نسبة السيولة الفعليّة إلى الكتلة النقديّة الإجماليّة بين عاميّ 1992 و2002 من 60% الى 10 %، لكن ظروفا خارجيا وفرت مرحلة استراحة وتمدي طالت عشر سنوات، وعادتللتراجع بين عاميّ 2012 و2019 من 30% الى 3%، فانفجرت الأزمة.

 

يمكن تقسيم مراحل تطور علاقة مصرف لبنان بالمصارف وبالحكومات المتتالية الى خمسة مراحل. الأولى بين عامي 1991 و1997، حيث ولّدت عمليّة المضاربة النقدية المنظمة عامّ 1992 جذباً للأموال الخارجيّة ووظّفت لتخفيض قيمة اللّيرة اصطناعياً مع الإبقاء على فوائدها العالية. المرحلة الثانية بين عامي 1998 و2001، وهي مرحلة السيطرة على الإنفاق، ما قلل من عائدات الفوائد على اللّيرة ووصل الى شفير انهيار نقدي عشية باريس 2. المرحلة الثالثة بين عامي 2002 و2007؛ اغتنم مصرف لبنان الفرصة ليفرض على المصارف احتياطياً الزامياً على ودائعها بالعملات الأجنبية، فانسحبت المصارف الأجنبية تباعاً، ولكن لم تعد ثنائية ليرة-دولار محوريّة بعد ارتفاع أسعار النفط الذي ولّد دفقاً مستمراً للعملات الأجنبية. في المرحلة الرابعة بدأ التحوّل البنيوي الثاني، حيث قرر مصرف لبنان تحصيل جزء متزايد من العملات الأجنبية عبر إصدارات اليوروبوند وشهادات الإيداع، هنا تراجعت حصّة المصارف لبنان من الموجودات الخارجية بحدّة. أما في المرحلة الخامسة، بين عامي 2012 و2019، فتراجعت الموجودات الخارجية الصافية الإجمالية، إنما مع بلوغ موجودات المصارف التجارية الخارجية الصافية مستويات سلبية قياسية بينما احتفظ مصرف لبنان بموجودات خارجية (غير صافية طبعا) مستقرة.

نتائج النمط المتّبع:

  • أولاً تخصيص الموارد المحليّة بشكلٍ كبيرٍ لإنتاج خدمات غير قابلة للتبادل، وتقلّص فرص العمل في القطاعات المنتجة للسلع والخدمات القابلة للتبادل.
  • ثانياً ارتفاع أسعار عناصر الانتاج المحليّة من دون زيادة موازية في انتاجيتها، ومع ضيق فرص العمل المأجور، ما أدى إلى حصر عمل النساء في عددٍ محدودٍ من المهن.

تتميّز حالة لبنان عن حالة البلدان التي شهدت تطورات مماثلة بسمتين:

  • عدم ارتباط تدفق الأموال بتصدير موارد طبيعية كالنفط، بل بتحويلات اللبنانيّين، فيتحولون بذلك الى مادّةٍ للتصدير،
  • خلافاً للبلدان النفطية، تراكمت هذه الأموال بشكل ودائع وديون.

تأثيرات ترسّخ “الداء الهولندي” على الاقتصاد:

تأثيرات هذا النمط على الاقتصاد دائمة وكثيرة. تتراكم الكتل الماليّة الداخليّة في لبنان بشكلٍ مستمرّ وتتولد خسائر كامنة في الأصول، وترتفع أسعار السلع والخدمات لغير القابلة للتبادل. كما نشهد إفراطاً في استثمار رأس المال في انتاج السلع والخدمات غير القابلة للتداول ويتلاشى الاستثمار في القطاعات الأخرى. إضافةً الى ذلك، يتمّ الاعتماد المكثّف على العمالة الرخيصة غير المقيمة، وتصبح مصادر الدخل يكون غير مستقرّة وتتراجع حصّة الأجور من الدخل المحلي. باتت الشركات مثقلة بالديون، فمتوسط عبء الفوائد في معظم فروع الصناعة اللّبنانية يتجاوز ال 70% من الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاكات، ومعظم المؤسسات تبقى مؤسسات صغيرة جداً وهي من النوع العائلي. هذا ويقدّر صافي التدفق السنوي من الهجرة الخارجة بحوالي 40 ألفاً. حصيلة الهجرة إلغاء كلّ الزيادة الطبيعيّة في السكان اللبنانيين بسنّ العمل.

يجب التمييز بين حقبتين:

– الحقبة الأولى بين عامّ 1993 وعامّ 1997 شهدت عجوزات أوليّة بلغت 8% من الناتج وسطياً.

– الحقبة الثانية أتت بعد عام 2001 حيث لم تتجاوز العجوزات الأوليّة 1% من الناتج.

بذلك، يكون النظام الاقتصاديّ السياسي قد اعتمد، في المرحلة الأولى، خيار الانفاق من دون حساب مراهناً على السلام الإقليميّ وساعياً لتركيزً قاعدته الشعبيّة (توظيفات فائضة، عقود بالمحاباة…) من دون الاكتراث لتراكم الدين.

يقدّر مجمل ما دفعه اللبنانيّون من ضرائب معلنة وضمنية بـ 316 مليار دولار للحصول على خدمات لا تفوق قيمتها الاقتصادية 116 مليار دولار، أي 37%. بينما ذهب الباقي كفوائد على لدين وكتوزيع زبائني. تواكب ذلك مع عجز سنوي في ميزان السلع والخدمات اتجاه الخارج بلغت نسبته 25% من الناتج المحلي الإجمالي، تمت تغطيته بتدفقات لرأس المال، فتراكمت هذه التدفقات تضخّماً في مطلوبات المصارف، ما سمح بتمويل كمٍّ هائلٍ من الاستهلاك وبزياد الطلب بشكل متضخّم في القطاع العقاري.

تقوم الحركة على الفكر النقدي وتعتبر أن التنظيم هو الوسيلة في خدمة الهدف العام. لذلك اختارت التنظيم المركزي، اي أن الأمانة العامة تتخذ القرارات المفصلية في توجيه الحركة، والهدف الفاعلية.

نحن امام مرحلة انتقالية دقيقة والحركة السريعة واتخاذ المواقف الصائبة بناءً على قراءة الواقع الدقيق ضرورة. الأمين العام ينتخب من الهيئة العامة لمدّة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وهومن يعيّن اعضاء الأمانة العامة.

تنتخب الهيئة العامة مجلس المندوبين أيضا، وهو هيئة مكملة للتنظيم الإجرائي الذي تتولاه الأمانة العامة. يمثل مجلس المندوبين الأعضاء بوصفهم منتسبين إلى مشروع سياسي مشترك قبل أن يكونوا مكلفين بأية مهمة من المهام التنظيمية، وعلى مجلس المندوبين متابعة عمل الهيئات الإجرائية وجمع الملاحظات حول النجاحات التي ينجزها التنظيم والعقبات التي يواجهها، والتنسيق مع الأمانة العامة بما يخدم غاية التنظيم وأهدافه.

من أهم مبادئ الحركة هو مبدأ العضو العامل، أي أن جميع الأعضاء هم أعضاء عاملون وذلك من خلال استيفائهم 3 شروط:

  • توقيع طلب الانتساب والموافقة على النظام الداخلي.
  • التصريح المالي الشخصي وتسديد المبلغ المطلوب.

أن يكون المنتسب عضوا فاعلا يشارك بالعمل ويلتزم بما بكلّف به.

التمويل الذاتي للحركة من أهم عناصر عملها بحرية وقدرتها على التعامل مع الواقع من دون الخضوع لرغبات أي جهة أخرى. لذلك، لا تكتمل عضوية المنتسب في الحزب الى أن يصرّح عن دخله وثروته الصافية للأمين العام الذي بدوره يحتسب قيمة الاشتراك وهو:

  • واحد بالمئة على الحد الأدنى للأجور واثنين بالمئة لباقي الرّاتب الذي يتجاوز الحد الأدنى، وذلك بعملة الدخل الخاص بالعضو.
  • واحد بالألف من الثّروة الصافية، أي المدّخرات والممتلكات ناقض الدّيون.

من خلال هذا الاجراء تقوم الحركة بتنفيذ تصورها للمبادئ الضريبية التي يجب أن تعتمدها الدولة.

كما أن الحزب يقبل تبرّعات غير الالزاميّة من المنتسبين وغير المنتسبين. وكل هبة تفوق 10% من ميزانية الحركة يجب أن تحصل على موافقة مجلس المندوبين.

تبرع

في آب 2015، حصلت تظاهرات شعبية نتيجة لأزمة النفايات، وبدأت تتجلّى على إثرها تشكّل مجموعات معارضة. أُربٍكت السلطة في البداية ولكنها نجحت في احتواء التظاهرات في نهاية المطاف لعدم تمكّن المعارضة في حينها من الالتقاء على مشروع سياسي موحد لمواجهة فشل السلطة.

بعد انحسار ازمة النفايات، بدأت تتضح ملامح انكشاف الأزمة مالية، فسارعت السلطة لتدارك الموقف وأوكلت المهمّة، كما العادة، الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أنتج الهندسات المالية، فيما بادروا هم الى تسويات سياسية أسفرت عنها التسوية الرئاسية، وجرت توازياً معها الانتخابات البلدية.

انطلقت فكرة مواطنون ومواطنات في دولة كتجمع لقوى المعارضة، وليس كحزب سياسي جديد، عندما رأى البعض أنه يمكن اقتناص فرصة الانتخابات. واعتبروا البعض أن المشاركة في الانتخابات ضمن مشروع واحد على كل الأراضي اللبنانية فرصة لتغيير الخطاب الطائفي العائلي المناطقي السائد.

كان من المفترض أن تكون مواطنون ومواطنات الإطار الجامع لقوى المعارضة لتشكيل بديل لسلطة أصبح واضحاً أنها تترنح. لكن المحاولة لم تنجح وطغت اعتبارات ضيقة لم تسمح بتشكيل بديل سياسي عن السلطة. بعد انتهاء الانتخابات، اتُّخِذ قرار انشاء حزب هدفه مواجهة السلطة السياسية المجتمعية، انطلاقا من معاينة الواقع وتشخيصه بأن الانهيار محتوم، وأن محاولات ترميم النظام لن تدوم. وهكذا، بدأ العمل على التنظيم الداخلي لخدمة الهدف، والحزب ما هو الّا أداة لتمكين وتفعيل وتطوير قدرات المواجهة …

عدد كبير من الذين ينتقدون برنامج حركة مواطنون ومواطنات في دولة يسألون عن الشرعية التي نستند عليها لتنفيذ مشروعنا بغياب تفويض شعبي من خلال انتخابات. الحقيقة هي أن الانتخابات ليست إلا وسيلة تستخدمها أي سلطة لإشراك الناس في عملية تجديد شرعيتها، وأي تغيير فعلي للمنظومة الاجتماعية-السلطوية يأتي نتيجة تزامن انهيار سلطة معينة مع تشكل مشروع سلطة جديدة بديلة.

ما هي شرعية حكومة حسان دياب مثلا؟ باستثناء بعض الاحتجاجات، قبل اكثرية اللبنانيين واللبنانيات بهذه الحكومة التي أتت دون مشروع والتي اتخذت قرارات مصيرية مثل التوقف عن سداد اليوروبوندز أو إعلان التعبئة العامة. شرعيتها منبثقة من شرعية زعماء الطوائف الذين شكلوها أو قبلوا بها .

تشكيل الحكومة هو بحد ذاته ترجمة لعملية انتقال شرعية السلطة من سلطة زعماء الطوائف، إلي سلطة الدولة المدنية التي تجسدها الحكومة والتي تحصل على شرعية في لحظة تأسيسها، إن لم تواجه اعتراضاً شعبياً.

خلال أشهر ولايتها الثمانية العشر، تعمل الحكومة على ترسيخ الشرعية التي تشكلت على أساسها، أي شرعية الدولة المدنية، من خلال فعاليتها في إدارة المرحلة الانتقالية.